يقول: لو قدرت لمنعت كل سحابة من المطر؛ لأني تأملت الحال فرأيت السحاب سبباً للفراق؛ لأنه إذا مطر خرجوا لطلب المطر والكلأ، فهو مثل غراب البين؛ لأنه إذا صاح أذن بالفراق! ومطر السحاب كذلك، فالسحاب كالغراب ومطره في دلالته على الفراق كصياح غراب البين، فلو قدرت لمنعته من المطر حتى لا يؤدي إلى الفراق.
وإذا الحمائل ما يخدن بنفنفٍ ... إلاّ شققن عليه ثوباً أخضرا
الحمائل: جمع الحمولة، وهي الإبل التي يحمل عليها. والنفنف: المهوى بين جبلين. ويخدن: يسرعن. شبه كثرة الكلأ على وجه الأرض بثوب أخضر، وشقها إياه: رعيها له حتى يصير كالثوب المشقوق لما رعت الوسط وتركت الحافات.
وقيل: شقها إياه: سيرها فيه.
يقول: وإذا إبلهم لا تسير في فلاة إلا شقت عليها ما لبست من الكلأ، برعيها ووطئها.
يحملن مثل الرّوض إلاّ أنّه ... أسبى مهاةً للقلوب وجؤذرا
شبه الهوادج بالروض؛ للنقوش التي عليها، وشبه النساء التي في الهوادج ببقر الوحش وأولادها.
يقول: تحمل هذه الإبل في هذا الروض هوادج مثل الروض وكذلك مثل الروض من ربات الهوادج، إلا أن هؤلاء النساء أسبى للقلوب من المها والجآذر.
ومهاةً وجؤذرا نصبا على التمييز.
فبلحظها نكرت قناتي راحتي ... ضعفاً، وأنكر خاتماي الخنصرا
نكرت الشيء فأنكرته.
يقول: بسبب لحظ النساء ضعفت راحتي عن حمل قناتي، وقلق خاتمي في خنصري؛ لنحولي وضعفي.
أعطى الزّمان فما قبلت عطاءه ... وأراد لي فأردت أن أتخيّرا
يقول: أعطاني الزمان حظاً فلم أقبله منه، وأردت أن أكون أشرف منه، وأراد لي حالاً فأحببت أن يكون على اختياري، فلم أرض إلا بلقاء ابن العميد.
أرجان أيّتها الجياد فإنّه ... عزمي الّذي يذر الوشيج مكسّرا
أرجان: مدينة من فارس، أصله بتشديد الراء، ونصبه بفعل مضمر، أي اقصدي أرجان.
يقول لخيله: اقصدي أرجان فإني عزمت على لقاء ابن العميد عزماً صحيحاً، لو ردني عنه رمح لكسر الرمح عزمي.
والوشيج: الرماح. وأصله: أصول الرماح.
لو كنت أفعل ما اشتهيت فعاله ... ما شقّ كوكبك العجاج الأكدرا
الفعال بفتح الفاء: ما يفعله الإنسان من كرم وجود وغيرهما، وكوكب الخيل: مجتمعها، والأكدر: الأسود.
يقول لخيله: لو فعلت ما نت تشتهينه ما جشمتك دخول الغبار الأسود وشقه؛ لأن مرادك ألا تتكلفي ذلك، غير أني لا أرضى إلا بما أجشمك من المشقة في قصدي إلى ابن العميد ورؤيتي إياه.
أمّي أبا الفضل المبرّ أليّتي ... لأيمّمنّ أجلّ بحرٍ جوهراً
أمي: أي اقصدي، والمبر: المصدق، والآلية: اليمين. يعني: اقصدي أبا الفضل؛ فإنه الذي يبر يميني فيكون المبر خبراً لأمي.
يقول: اقصدي أبا الفضل، فإنه الذي يبر يميني حيث حلفت أني أقصد بحراً جوهره أجل من جوهر كل بحر، وليس أحد بهذه الصفة غيره، فهو الذي يبر يميني.
أفتى برؤيته الأنام وحاش لي ... من أن أكون مقصّراً أو مقصرا
يقال: قصرت عن الشيء: إذا تركته عاجزاً، وأقصرت: إذا تركته وأنت قادر عليه.
يقول: لما حلفت على أن ألقي أجل بحر جوهراً، أفتاني الناس كلهم بأن يميني لا تبر إلا برؤيته، لأنه المختص بهذه الصفة، وحاشى لي من أن أترك قصده قدرت أو لم أقدر عليه، فإن مثلي إذا حلف لا يحنث في يمينه، فلا بد لي من لقائه.
صغت السّوار لأيّ كفٍّ بشّرت ... بابن العميد، وأيّ عبدٍ كبّرا
يقول: صغت السوار، لأجعله في يد من يبشرني بابن العميد، وكذلك صغت لأي عبد كبر. يريد بذلك: ما جرى من عادة الناس إذا رأوا ما يتوقعون، أو شيئا يعجبهم كبروا عند رؤيته.
إن لم تغثني خيله وسلاحه ... فمتى أقود إلى الأعادي عسكرا؟!
يقول: إن لم يغثني ابن العميد بخيله وسلاحه، لم أقدر على تجهيز الخيل إلى قتل الأعداء.
بأبي وأمّي ناطقٌ في لفظه ... ثمنٌ تباع به القلوب وتشترى
يقول: أبي وأمي فداء لناطق يملك بحسن لفظه، قلوب الناس، فكأنه يجعل لفظه ثمناً للقلوب يشتريها به.
من لا تريه الحرب خلقاً مقبلاً ... فيها، ولا خلقٌ يراه مدبرا
من بدل من قوله: بأبي وأمي ناطق والهاء في فيها للحرب.