responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معجز أحمد نویسنده : المعري، أبو العلاء    جلد : 1  صفحه : 428
اراد: يا ضبة فرخم.
يقول: أين ذلك العجب الذي كان فيك قبل نزولنا على حصنك؟! وذلك أنه هرب منهم ودخل حصنه ولم يجسر على لقائهم.
وإن يخنك لعمري ... لطالما خان صحبه
لعمري: قسم.
يقول: إن خانك قلبك الآن وأسلمك، فلعمري أن الخيانة له عادة، فطالما خان أصحابه قبل ذلك.
وكيف ترغب فيه ... وقد تبيّنت رعبه
يقول: كيف ترغب في قلبك بعدما علمت من خوفه وجبنه.
ما كنت إلاّ ذباباً ... نفتك عنه مذّبه
الهاء في عنه للقلب، وقيل: للعجب.
يقول: لما نزلنا عليك طار قلبك من الخوف، فكأنك كنت ذبابا طردت عن قلبك وعن عجبك بالمذبة.
وكنت تنخر تيهاً ... فصرت تضرط رهبه
روى: تفخر من الفخار، وتنخر من النخير، وهو الصوت من الأنف.
يقول: كنت تنخر قبل ذلك تكبراً، فلما نزلنا حول حصنك تركت ذلك التكبر خوفاً، وصرت تضرط رهبة وخوفاً.
وإن بعدنا قليلاً ... حملت رمحاً وحربه
وقلت ليت بكفّي ... عنان جرداء شطبه
الشطبة: الفرس الطويلة.
يقول: إن بعدنا عنك خرجت من حصنك، وحملت رمحك وسيفك وقلت: ليت في يدي عنان فرسي.
إن أوحشتك المعالي ... فإنّها دار غربه
أو آنستك المخازي ... فإنّها لك نسبه
يقول: إن كانت المعالي قد أوحشتك، فإنها دار غربة، لا يسكنها إلا غريب. وهذا مثل.
والمعنى: إن المعالي لا يحوزها إلا القليل من الناس، فإنها بمنزلة الغرباء وإن عجزت عنها فأنت معذور فإنها لا تليق بك، وإن تألف المخازي وتأنس بها. فغير منكر، لأنها نسبك وأصلك الذي تولدت منه فكيف لا تأنس بها؟!
وإن عرفت مرادي ... تكشّفت عنك كربه
وإن جهلت مرادي ... فإنّه بك أشبه
يقول: أنت الآن في كربة وشغل قلب من هذا الشعر؛ لأنك من جهلك لا تعرف: أمدح هو أم هجو؟! فلو عرفت أنه هجو لانكشفت عن قلبك كربته، لأنك لا تبالي بالهجو والذم، لسقوطك وحقارة أصلك، وإن جهلت مرادي فيما أقول فإنه أشبه بك؛ لأنك جاهل لا تعرف الشتم من المدح.
ونجم خارجي من بني كلاب بظهر الكوفة، وذكر له أن خلقاً من أهلها قد أجابوه وحلفوا له، فسارت إليها بنو كلاب معه، ليأخذها، ورفعت الرايات وخرج أبو الطيب على الصوت من ناحية قطوان فلقيته قطعة من الخيل في الظهر، فقاتلها ساعةً فانكشفت وجرح منها وقتل.
وسار في الظهر حتى دخل إلى جمع السلطان والرعية من درب البراجم. ووقعت المراسلة سائل اليوم، وعادوا من غد فاقتتلوا إلى آخر النهار، فلم يصنع الخارجي شيئاً، ورجع وقد اختلفت فيه بنو كلاب وتبرأ بعضهم من بعض، وعاد بعد أربعة أيام فاقتتل في الظهر فوقع بالسلطان والعامة جراح، وقتل من بني كلاب، وطعن فرس لأبي الطيب تحت غلام له في لبته فمات لوقته، فحمله محمد بن عمرو على فرس، وخرج له غلام آخر فقتل رجلاً، وعادوا من غد فالتقى الناس عند دار أسلم، وبينهم حائط فقتل من بني كلاب بالنشاب عدة، فانصرفوا ولم يقفوا للقتال.
ووقعت الأخبار إلى بغداد، فسار أبو الفوارس دلير بن لشكروز وجماعة من القواد، فورد الكوفة بعد رحيل بني كلاب عنها، فأنفذ إلى أبي الطيب ساعة نزل ثياباً نفيسةً من ديباج رومي ومن خز ودبيقي فقال يمدحه وأنشده إياها في الميدان وهما على فرسيهما، وكان تحت دلير فرس جواد أصغر، وعليه حلية ثقيلة مقلدة، فقاده إليه، وذلك في ذي الحجة سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة:
كدعواك كلٌّ يدّعي صحّة العقل ... ومن ذا الّذي يدري بما فيه من جهل
يخاطب عاذلته ويقول: كل أحد يدعي صحة عقله كما تدعينه أنت، ولا يعلم أحد ما فيه من الجهل والحمق؛ لأن المرء لا يعرف عيب نفسه.
لهنّك أولى لائمٍ بملامةٍ ... وأحوج ممّن تعذلين إلى العذل
لهنك: كلمة تستعمل عند التوكيد وأصلها: لأنك فأبدلت الهمزة هاء كما قالوا: إياك وهياك، وهي إن، التي تنصب الاسم وترفع الخبر، وأدخلوا عليها اللام للتأكيد، وجمع بينهما، وإن كانت إن للتأكيد، لأن الهمزة لما أبدلت هاء زالت لفظة إن فصارت كأنها شيء آخر غير إن فجاز الجمع بينهما. وهذا جواب القسم المحذوف.
والمعنى: والله إنك أولى بالملامة وأحوج إلى العذل من هذا الذي تعذلينه، فإنك أجهل منه.
تقولين ما في النّاس مثلك عاشقٌ ... جدي مثل من أحببته تجدي مثلي

نام کتاب : معجز أحمد نویسنده : المعري، أبو العلاء    جلد : 1  صفحه : 428
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست