وهبّت بحسمي هبوب الدّبو ... ر مستقبلاتٍ مهبّ الصّبا
هبت: أي أسرعت. والدبور: من قبل الغرب، ويستقبل المشرق، وهو مهب الصبا. وقيل: الصبا محلها من ناحية قبلة العراق، والدبور يقابلها.
يقول: إنها سارت بنا سيراً سريعاً كأنها الدبور استقبلت مهب الصبا.
روامي الكفاف وكبد الوهاد ... وجار البويرة وادي الغضى
روامي أي قواصد، موضعه نصب على الحال. والكفاف، وكبد الوهاد، وجار البويرة كلها مواضع. ووادي الغضى بدل من وجار البويرة.
يقول: إن هذه الإبل البجاوية قصدت هذه المواضع، وعبرت عليها.
وجابت بسيطة جوب الرّدا ... ء بين النّعام وبين المها
جابت: أي قطعت. وبسيطة: مفازة بقرب الكوفة.
يقول: قطعت الإبل بسيطة وشقتها كما يشق الرداء، ومسيرها بين النعام وبقر الوحش.
إلى عقدة الجوف حتّى شفت ... بماء الجراويّ بعض الصّدى
عقدة الجوف: موضع معروف، والجراوي: منهل معروف.
يعني: أنها سارت من بسيطة إلى عقدة الجوف، فشربت من الجراوي حتى شفت بعض عطشها، ولم تستوف الشرب عجلةً أو خوفاً، أو حرصاً على السير، أو خشية أن يثقلها كثرة الشرب.
ولاح لها صورٌ والصّباح ... ولاح الشّغور لها والضّحى
صور، والشغور: اسما موضعين بقرب العراق.
يقول: سارت طول ليلها فظهر لها صور عند الصبح وظهر لها الشغور مع وقت الضحا.
ومسّى الجميعيّ دئداؤها ... وغادى الأضارع ثم الدّنا
هذه أسماء المواضع، والدئداء: سير سريع.
يعني: أنها وصلت إلى الجميعي مساءً فأسرعت فيه السير، وجاءت إلى الأضارع. والدنا: وقت الغداة.
فيا لك ليلاً على أعكشٍ ... أحمّ البلاد خفيّ الصّوى
أعكش: مكان معروف. وأحم أسود. والصوى: أعلام وحجارة تنصب على الطريق، الواحدة: صوة. وقوله: فيا لك تعجب. وليلاً نصب على التمييز.
يقول: ما أعجب ليلاً في أعكش! وما أشد ظلامه وسواد البلاد! حتى خفيت الأعلام.
وردنا الرّهمية في جوزه ... وباقيه أكثر ممّا مضى
الرهيمة: قرية بقرب الكوفة. وعنى بالجوز ها هنا صدر الليل.
يقول: وردنا الرهيمة وما بقي من الليل أكثر مما مضى.
فلمّا أنخنا ركزنا الرّما ... ح فوق مكارمنا والعلا
يقول: لما نزلنا الكوفة أنخنا إبلنا وركزنا رماحنا فوق العز والمكارم.
يعني هذا المسير فخر لنا عالي المحل؛ لأنا أرغمنا به أنف كافور مع ملكه.
وبتنا نقبّل أسيافنا ... ونمسحها من دماء العدى
يقول: لما وصلنا إلى وطننا قبلنا أسيافنا شكراً لها، ومسحنا عنها دماء الأعداء الذين قتلناهم بها.
لتعلم مصر ومن بالعراق ... ومن بالعواصم. أنّى الفتى
يقول: فعلنا هذا؛ ليعلم أهل مصر، وأهل العراق، وأهل العواصم: أي سيف الدولة. أنى الفتى الكامل في جميع الخصال.
وأنّى وفيت وأنّى أبيت ... وأنّى عتوت على من عتا
يقول: فعلت هذا؛ ليعلم من في مصر أني وفيت بما وعدت من سيرى حيث قلت:
وإن بليت بودٍّ مثل ودّكم
وأنى أبيت ضيم كافور، وأنى قهرت كل طاغ.
وما كلّ من قال قولا وفى ... ولا كلّ من سيم خسفاً أبى
سيم: أي كلف. والخسف: الذل.
يقول: ما كل أحد إذا قال قولاً، صدق قوله كمال فعله، وليس كل من حمل على ضيم أباه ودفعه عن نفسه.
ومن يك قلبٌ كقلبي له ... يشقّ إلى العزّ قلب التّوى
التوى: الهلاك، أي من كان له مثل قلبي، دخل قلب الهلاك، حتى يصل إلى العز والعلا.
ولا بدّ للقلب من آلةٍ ... ورأيٍ يصدّع صمّ الصّفا
يقول: إن الإنسان لا يكفيه جرأة قلبه، حتى يكون له رأي صائب، وآلة يتوصل بها إلى مرامه، وإلا أدته شجاعته إلى هلاكه.
وكلّ طريقٍ أتاه الفتى ... على قدر الرّجل فيه الخطا
يقول: كل فعل يفعله الرجل على قدر شجاعته وهدايته، وعلى حسب رأيه.
ولما جعل الفعل طريقاً استعار فيه ذكر الرجل والخطا.
ونام الخويدم عن ليلنا ... وقد نام قبل عمىً لا كرى
عنى بالخويدم: كافورا.
يقول: إنه قد نام عن الليل الذي سرنا فيه، وكان في حال يقظته أيضاً نائماً؛ لعمى قلبه لا من النوم الحقيقي.
وكان على قربنا بيننا ... مهامه من جهله والعمى