النواطير: جمع ناطور، وهو حافظ الزرع. ويجوز بالطاء والظاء.
يقول: غفل الملوك عن مصر وأهملوها فتمكن منها العبيد والأرذال، فجمعوا الأموال وأتخموا من كثرتها.
شبه مصر بالبستان. والملوك بالنواطير، والغواة بالثعالب.
العبد ليس لحرٍّ صالحٍ بأخٍ ... لو أنّه في ثياب الحرّ مولود
الهاء في أنه تعود إلى حر وأراد به ابن الإخشيد، لأنه كان يسمى كافورا أخاه. فيقول: إن الحر لا يصلح أن يكون العبد أخاه، لو كان حراً ولد في ثياب الأحرار. يعني: لو كنت ولدت في ثياب حر لما اتخذته أخاك.
وقيل: تعود إلى العبد والمعنى: أن العبد لو ولد في ثياب الحر لما كان يصلح أن يكون أخاً للحر، لأنه ينزع إلى أصله.
لا تشتر العبد إلاّ والعصا معه ... إنّ العبيد لأنجاسٌ مناكيد
المناكيد: جمع منكاد، ومنكود، وهو قليل الخير.
يقول: العبد نجس نكد لا يستقيم إلا بالضرب.
ما كنت أحسبني أحيا إلى زمنٍ ... يسيء بي فيه كلبٌ وهو محمود
الها في فيه للزمن.
يقول: ما ظننت أني أبقى إلى زمن يسيء بي في ذلك الزمان كلب، وهو محمود على إساءته لي. وأحتاج إلى مدحه مع ذلك.
ولا توهّمت أنّ النّاس قد فقدوا ... وأنّ مثل أبي البيضاء موجود
لقبه بضد اسمه كما يقال للأعمى: البصير.
يقول: ما ظننت أن الناس يفقدون وكافور يبقى بعدهم مع خسة نفسه ودناءة أصله.
وأنّ ذا الأسود المثقوب مشفره ... تطيعه ذي العضاريط الرّعاديد
العضاريط: الأتباع والخدم واحدها عضروط والرعاديد الجبناء واحدهم رعديد.
يقول: لم أتوهم أن هؤلاء السفلة الأرذال تطيع مثل هذا الأسود، حتى يجوز عليهم أمره، وأنه يحصل له مثل هذا الملك والتسلط عليهم.
جوعان يأكل من زادي ويمسكني ... لكي يقال عظيم القدر مقصود
يقول: قاسى في الجوع قلبه الذي قاساه في عبوديته؛ فلهذا لا تسمح نفسه بالعطاء، وهو مع ذلك يأكل من زادي: أي يطالبني بأن أمدحه بشعري.
وقيل: أراد يحبسني من غير عطاء فأحتاج إلى أن أنفق مالي، وإنما يمسكني عنده ليقال: إنه مقصود يمدحه مثلي من الشعراء.
إنّ امرأً أمةٌ حبلى تدبّره ... لمستضامٌ سخين العين مفئود
المفئود الذي أصيب فؤاده، أي عقله، وجعله أمة حبلى لخصاه وعظم بطنه. يعرض بابن مولاه، ابن الإخشيد.
يقول: من جعل أمره إلى أمة حبلى حتى تدبره، فهو مقهور ذليل سخين العين مصاب الفؤاد، زائل العقل.
ويلمّها خطّةً ويلمّ قابلها ... لمثلها خلق المهريّة القود
ويلمها تعجب، وأصلها: ويل لأمها، فلما كثر استعمال هذه الكلمة خففت وحذفت اللام والهمزة، وجعلت الكلمتان واحدة. وخطةً نصب على التمييز والها في ويلمها للخطة والمهرية إبل منسوبة إلى مهرة، قبيلة من اليمن. والقود: الطوال الأعناق.
يقول: ما أعجب هذه الخطة! وما أعجب من يرضى بها! وإنما خلقت المهرية لتركب أنفةً من هذه الحال.
وعندها لذّ طعم الموت شاربه ... إنّ المنيّة عند الذّلّ قنديد
القنديد: الخمر، وقيل: هي التي فيها الأفاوية، والهاء في عندها للخطة وهي الحالة والقضية، يقال: إن فلاناً يكلفني خطة من الخسف.
يقول: وعند هذه الخطة يستلذ الموت كما يستلذ الخمر المطيبة بالأفاوية. وهذا كقوله:
الموت أحلى عندنا من العسل
لا عار بالموت إذا الموت نزل
من علّم الأسود المخصىّ مكرمةً ... أقومه البيض أم آباؤه الصّيد؟!
يقول: من أين تعلم هذا الخصى الأسود المكارم؟! أتعلمها من قومه البيض الألوان! أو البيض الكرام! أو من آبائه الملوك! يعني: ليس له في الكرم أصل فكيف يهتدى إلى فعل المكارم وإتيان الجميل؟! يلوم نفسه لطلبه الغني عنده مع لؤم أصله.
أم أذنه في يد النّخّاس داميةً ... أم قدره وهو بالفلسين مردود
نصب دامية على الحال من أذنه.
يقول: أعلمته المكرمة إدماء النخاس أذنه عركاً، أم قدره وهو لا يساوي فلسين.
أولى اللّئام كويفيرٌ بمعذرةٍ ... في كلّ لؤمٍ وبعض العذر تفنيد
يقول: إن كافوراً أولى اللئام بأن يعذر في كل لؤم! وقوله: وبعض العذر تفنيد: أي عذري له تفنيد وتوبيخ ونهاية في اللوم، وهجو صريح؛ لأني إنما أعذره وأدع لومه لخسته.