أرى المسلمين مع المشركي ... ن إمّا لعجزٍ وإمّا رهب
كأنه كان قد انضم طائفة من المسلمين إلى الروم! فقال: أراهم معهم ولا أدري لأي علة؟! أعجزوا عن قتالهم؟ أو خافوا منهم! وقيل: المعنى أن المسلمين قد وافقوا النصارى وصدقوهم في زعمهم أن المسيح ينصرهم وذلك إما لعجز عنهم أو لخوف منهم.
وأنت مع الله في جانبٍ ... قليل الرّقاد كثير التّعب
يقول: أنت مع أمر الله وطاعته، قليل النوم، لحفظ الثغور كثير التعب، لإدامة الحرب.
وقيل: إن المسلمين قد وافقوا النصارى على قولهم وأنت متوكل على الله، مستنصر به، غير مائل إلى قول النصارى في استنصار المسيح عليه السلام.
كأنّك وحدك وحّدته ... ودان البريّة بابنٍ وأب
يقو: أنت تفردت بتحمل المشاق في مجاهدة الكفار، حتى كأنك متفرد بالتوحيد، وسائر الناس اعتقدوا النصرانية.
فليت سيوفك في حاسدٍ ... إذا ما ظهرت عليهم كئب
يقول: ليت سيوفك بعد ظهورك على الأعداء، تقتل كل حاسد حزين والتقدير على هذا البيت: سيوفك إذا ما ظهرت على الأعداء في حاسد كئب.
وقيل: معناه ليت سيوفك تقتل كل حاسد يحزن لظفرك بالأعداء.
وليت شكاتك في جسمه ... وليتك تجزي ببغضٍ وحب
يقول: ليت علتك هذه في جسم حاسدك، وليتك تجزي كل إنسان بحسب قدره في بغضه وحبه.
يعني: لو فعلت ذلك لكنت أحسن حالا من سائر الناس، ولو جزيت الأعداء ببغضك لما أبقيت أحداً.
فلو كنت تجزي به نلت من ... ك أضعف حظٍّ بأقوى سبب
يقول: لو كنت تجزي كل أحد ببغض وحب، لنلت ما أتمناه من قتل من كادني على محبتي لك.
وقال أيضا بمدح سيف الدولة:
سيف الإله على أعلى مقلّدة ... وموضع العزّ منه فوق مقعده
المصراع الثاني قيل: لم يتممه أبو الطيب! وقيل: بل تممه ولم يرو عنه إتمامه.
وقيل إن تمامه قوله: وموضع العز منه فوق مقعده.
وقيل: إن هذه اللفظة فوق مقعده لم يعترف بها المتنبي. وقيل: إنه قال: ألقيتها فلا تنسبوها إلي.
والمعنى: سيف الله على أرفع رجل قلد السيف. وموضع الشرف من هذا السيف هو السماء، لا موضع الذي يرى أنه مقعداً، أو الموضع الذي قعده.
ما اهتزّ منه على عضوٍ يسيّره ... إلاّ اتّقاه بترسٍ من مخلّده
المخلد: موضع الخلد، وهو القرط.
يقول ما تحرك السف على عضو عدو، يريد أن يرمي به إلا اتقاه ذلك الجسم بأكثر من مطلوبه، وهو أن يترس موضع القرط من موخر عنقه.
ذمّ الإله إليه من محبّته ... ما ذمّ في بدرٍ من حمد حامده
يقول: ذم الله تعالى إلى سيف الدولة من أحبابه، جزعهم وذلهم في هذه الحرب الذي صبر فيها سيف الدولة دونهم، مثل ما ذم جل جلاله من حمده النبي صلى الله عليه وسلم من بعض أصحابه وأحبته في يوم بدر، لما ذلوا وفزعوا بقوله تعالى: " وَلَقَدْ نَصَرَكُم الله بِبَدْرٍ ".
شمسٌ، إذا الشّمس لاقته على فرسٍ ... تردّد النّور منها في تردّده
يقول: هو كالشمس فإذا قابلته الشمس وهو على فرس رد شعاعها إلى نفسها كثرة جولان هذا الفارس.
والمعنى: أنه إذا ركب بجيشه حجب بالغبار نور الشمس.
لم يقبح الحسن إلاّ عند طلعته ... كالعبد يقبح إلاّ عند سيّده
يقول: إن الحسن إذا رؤى بحضرته يفتضح بحسنه، ويقبح لكمال جماله كالعبد لا يقبح إلا عند سيده. وحذف لا من قوله: كالعبد يقبح
قالت عن السّير طب نفساً فقلت لها ... لا يصدر العبد إلاّ بعد مورده
أي قالت العاذلة أو المحبوبة أو غيرهما، ممن يشفق عليه: كفاك ما سرت من الدنيا فأقم، فقلت لها: إني ما سرت بعد إلى من هو المقصود، ولا وردت موردي، فكيف أصدر؟ لأن الصدر بعد الورود، يحسن ويكمل.
نفسٌ تصغّر نفس الدّهر من كبرٍ ... لها نهى كهله في سنّ أمرده
يقول: نفسه من كبرها وعظمها تصغر نفس الدهر، والضمير في الكهل يعود إلى النفس والضمير في الأمرد يعود إلى الدهر
لم أعرف الجود إلا مذ عرفت فتىً ... لم يولد الجود إلاّ عند مولده
يريد: منذ وقت مولده، فحذف للعلم به.
والمعنى: أن الجود يدور معه، ولم يكن قبل مولده جود فلما ولد هو وجد الجود.
وقال أيضاً فيه بديهاً:
يا سيف دولة ذي الجلال ومن له ... خير الخلائق والعباد سميّ