إذا ضوءها لاقى من الطير فرجةً ... تدور فوق البيض مثل الدراهم
يقول: إن الشمس إذا صادف ضوءها فرجة من أجنحة الطير، وقع على البيض مدوراً مثل الدراهم.
ويخفى عليك البرق والرعد فوقه ... من اللمع في حافاته والهماهم
الهماهم: جمع همهمة، وهي صوتٌ لا يفهم.
يقول: يخفى عليك البرق من لمعان السلاح، والرعد بصوت الجيش.
أرى دون ما بين الفرات وبرقةٍ ... ضراباً يمشي الخيل فوق الجماجم
برقة: مدينة قريبة من الاسكندرية إلى المغرب.
يقول: أرى بين هذين الموضعين ضروباً يكثر فيها القتلى حتى تمشي الخيل عليها.
وطعن غطاريفٍ كأن أكفهم ... عرفن الردينيات قبل المعاصم
الغطاريف: السادة. والمعاصم: موضع الأسورة من اليد.
يقول: وأرى في هذه المواضع طعن قوم سادة، تعودوا حمل الرماح من صغرهم، حتى كأن أيديهم وصلت بالرماح قبل أن توصل بمعاصمهم.
حمته على الأعداء من كل جانبٍ ... سيوف بني طغجٍ بن جف القماقم
القمقام: السيد، والقماقم: صفة لبني طغج.
يقول: إن قومه يحمون جيوشه بسيوفهم. والهاء في حمته للجيش وهذا من قوله:
بالجيش تمتنع السادات كلهم ... والجيش بابن أبي الهيجاء يمتنع
هم المحسنون الكر في حومة الوغى ... وأحسن منه كرهم في المكارم
يقول: هم يحسنون، أي يعرفون، أو يأتون ما يستحسن من الكر في وسط الحرب، وكذلك يفعلون في المكارم، وذلك أحسن من كرهم في الحرب والطعن والضرب.
وهم يحسنون العفو عن كل مذنبٍ ... ويحتملون الغرم عن كل غارم
يعني بقوله: يحسنون أحد المعنيين، وأراد أنهم يعفون عن كل مجرم، ويحملون على أموالهم كل مغرم.
حييون إلا أنهم في نزالهم ... أقل حياءً من شفار الصوارم
يقول: من عادتهم الحياء في مواضع الحياء لكنهم في الحرب وقاح ولا يرتدون بشيء كحد السيف الذي لا يرتد من أحد.
ولولا احتقار الأسد شبهتها بهم ... ولكنها معدودةٌ في البهائم
يقول: لولا أنهم يحتقرون، لشيهت الأسود بهم، ولكنها من جملة البهائم التي لا تمييز لها. فلهذا لا أشبهها بهم.
سرى النوم عني في سراي إلى الذي ... صنائعه تسري إلى كل نائم
يقول: ذهب النوم عني في سراي إلى هذا الممدوح، الذي تسري مواهبه ليلاً لكل نائم على فراشه! لم يتعبه في طلبها.
إلى مطلق الأسرى، ومخترم العدى ... ومشكى ذوي الشكوى ورغم المراغم
المخترم: المهلك، والمراغم: الذي يحاول أن يذلك وتحول أن تذله. المشكي: المزيل. الشكوى.
يقول: إنه يمن على الأسارى بهلك الأعداء، ويزيل الشكاية، ويرغم أعاديه.
كريمٌ نفضت الناس لما بلغته ... كأنهم ما جف من زاد قادم
جف وخف رويا، وروى حف بالحاء.
يقول: لما ملت إليه طرحت الناس كلهم، كما يطرح القادم ما جف من زاده.
وكاد سروري لا يفي بندامتي ... على تركه في عمري المتقادم
يقول: سررت بلقائه، وندمت على تركي قصده في متقدم عمري، حتى كأن ندامتي على تركه أكثر من سروري بلقائه وحضرته.
وفارقت شر الأرض أهلاً وتربةً ... بها علويٌّ جده غير هاشم
أهلاً وتربة: نصباً على التمييز.
قيل: أراد بهذا العلوي الذي قال فيه:
أتاني وعيد الأدعياء ... البيت
وسئل عنه فقال: أردت بهذا طبرية لأن فيها أعداء الممدوح.
بلا الله حساد الأمير بحلمه ... وأجلسه منهم مكان العمائم
يقول: ابتلاهم الله بحلمه، ليروا من سعادته ما يديم حزنهم، وجعله في العز والشرف، وأذلهم له، حتى يكون منهم مكان العمائم: وهي الرءوس.
فإن لهم في سرعة الموت راحةً ... وإن لهم في العيش حز الغلاصم
الغلاصم: جمع الغلصمة، وهي قصبة الحلق. وهذا علة دعائه لهم بالحلم. يعني أن بقاءهم أشد لهم وعليهم من الفناء والهلاك.
كأنك ما جاودت من بان جوده ... عليك لا قاتلت من لم تقاوم
يقول: كل من جاودته زدت عليه وكل من قاتلته غلبته، وكأنك اخترت منهما من تعلم أنك تغلبه لا محالة، ولم تفعل ذلك قصداً، ولكن لما كان الظاهر من حالك الغلبة عليهم في الجود والشجاعة كنت كأنك فعلت ذلك.
وسأله الشرب معه فامتنع. فقال له: بحقي عليك إلا شربت. فقال: