نام کتاب : مصادر الشعر الجاهلي نویسنده : الأسد، ناصر الدين جلد : 1 صفحه : 513
وقالوا إنها منحولة.
ولقد كانت كثرة رواية الكوفيين مطعنًا عليهم عند البصريين، فاتهموهم بالتكثير والتزيد، غير أننا رأينا أنها كثرة لا تكثر، وزيادة لا تزيد، وأن الثقات الأثبات من الكوفيين كانوا كالثقات الأثبات من البصريين: ينقدون ويمحصون ويتحرون، غير أن اختلاف المصدرين واختلاف المنهجين أدَّيا إلى أن يكون ما عند الكوفيين أكثر مما عند البصريين. ومع ذلك فإن ثمة أمرًا تحسبه من الوضوح والبداهة بحيث لا يحتاج إلى تفصيل في القول طويل، وهو أن توثيقنا للعلماء الرواة من الكوفيين وللعلماء الرواة من البصريين لا يعني أن كل ما يروون شعر صحيح مقطوع بصحته، لا سبيل إلى الشك فيه أو الطعن عليه. وإنما أردنا أن نؤكد تأكيدًا واضحًا أن هؤلاء العلماء الرواة لا يمكن أن يكونوا كذابين يتعمدون الكذب، ولا وضاعين يحترفون الوضع، وأن رواية هؤلاء العلماء الرواة في مجموعها رواية صحيحة أو قريبة من الصحة، وأن هؤلاء العلماء الرواة قد أفرغوا جهدهم وبذلوا أقصى طاقتهم في النقد والتمحيص حتى استقام لهم ما استقام من شعر اطمأنوا إلى صحته وفقًا لمنهجهم العلمي فرووه، ورواه عنهم تلاميذهم، حتى وصل إلينا منسوبًا إليهم، مرويًّا عنهم.
فحديثنا إذن عن الرواية في مجموعها، وأحكامنا على الرواية في جملتها، أما أجزاؤها ومفرداتها فلا بد لها من أن تخضع لنقد مفصل ذي شقين: خارجي يبحث في سند الرواية وتوثيق الرواة، وداخلي يبحث في الخصائص الفنية للشاعر ومدى تحققها في قصائده. فالأصمعي وتلميذه أبو حاتم السجستاني البصريان من جانب، والمفضل وتلميذاه أبو عمرو الشيباني وابن الأعرابي الكوفيون من جانب آخر كلهم ثقات أثبات مأمونون، مختصون في موضوعهم، لهم منهجهم في النقد والتحقيق والتمحيص، وروايتهم لديوان امرئ القيس -من أجل ذلك- رواية لها قيمتها العلمية التاريخية. ولو اتفقوا جميعًا على رواية واحدة لأخذنا بها وقبلناها، ولكن روايتهم مختلفة، تتسع رقعة الخلاف حين يكون الرواة
نام کتاب : مصادر الشعر الجاهلي نویسنده : الأسد، ناصر الدين جلد : 1 صفحه : 513