2951- أَقْوَدُ مِنْ ظُلْمَةَ
هي امرَأة من هزيل، وكانت فاجرة في شبابها حتى عجزت، ثم قادت حتى أقعدت، ثم التخذت تَيْسا فكانت تطرقه الناس، فَسُئِلت عن ذلك، فَقَالت: إني أرتاح إلى نَبِيبه على ما بي من الهرم، وسئلت: مَنْ أنكح الناس؟ فَقَالت: الأعمى العفيف، فحدث عَوَانة بهذا الحديث وكان مكفوفا، فَقَال: قاتلها الَله من عالمة بأسباب الطروقة.
قَال الجاحظ: لما قدم أشْعَبُ الطمَّاع من المدينة بغداد في أيام المهدى تلقاه أصحابُ الحديث؛ لأنه كان إذا إسنادٍ، فَقَالوا له: حدثنا، فَقَال: خُذُوا، حدثني سالم بن عبد الله - وكان يبغضني في الله - قَال: خصلتان لا تجتمعان في مؤمن، وسكت، فَقَالوا: اذكرهما، قَال: نسى إحداهما سالم ونسيتُ الآخَرى، فَقَالوا: حدثنا عافاك الله بحديث غيره، فَقَال: خذوا، سمعتُ ظُلْمة - وكانت من عجائزنا - تقول: إذا أنا متُّ فأحرقوني بالنار، ثم اجمعوا رَمَادِي في صُرَّة، وأتربوا به كتبَ الأحباب؛ فإنهم يجتمعون لا محالة، وأتوا به الخاتنات ليذرون منه على أجراح الصبيات، فإنهن يلهجن بالزب ما عِشْنَ، وقَال ابن يسار الكَوَاعب يَضْرب بظلمة المثل:
بُلِيْتُ بِوَرْهَاءَ ذَنْمَرْدَةٍ (1) ... تكاد تقطرها الغُلمَهْ، (1) (الذنمرة: السحاقة) -[126]-
تَنِمُّ وتَعضَهُ جارَاتِهَا ... وأقْوَدُ باللَّيْلِ مِنْ ظُلْمَهُ
فمن كلِّ ساعٍ لَهَا رَكْلَةٌ ... ومِنْ كُلِّ جَارٍ لَهَا لَطْمَهْ