نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 96
فبياضها ورق وتبر محها ... في حق عاج بطنت بدبيقي
ولآخر ملغزا:
وصفراء في بيضاء رقت غلالة ... لها وصفا ما فوقها من ثيابها
جماد ولكن بعد عشرين ليلة ... ترى نفسها معمورة من خرابها
فصل
والدجاجة إذا هرمت لم يكن لبيضها مح، وإذا لم يكن لها مح لم يخلق منها فرخ لأنه لا يكون له شيء يغذيه، ويربيه، والعجب من أخلاق الدجاج أنه تمر بها سائر السباع فلا تخشاها، ويمر بها ابن آوى، وهي على سطح فترمي بنفسها إليه، وهي إذا قابلت الديك تشبهت له ورامت السفاد، ورفعت ذنبها حتى لا يعلم أذكر هي أم أنثى، والدجاجة توصف بقلة النوم وسرعة الانتباه، ويقال: إن نومها واستيقاظها إنما هو بمقدار خروج النفس ورجوعه، ويقال: إنما تفعل ذلك من شدة الخوف وأكثر ما عندها من الحيلة أن لا تبيت على الأرض، وأن ترتفع على رف وما شاكله، وإذا أذن بعشاء المغرب فزعت إلى تلك العادة، وبادرت، والفرخ يخرج من البيضة كاسيا كاسبا كيسا ظريفا مليحا مقبولا محببا مكتفيا بمعرفته، حديد الصوت سريع الحركة، يدعى فيجيب ويتبع من يطعمه ويألفه ثم كلما مرت الأيام، ماق وحمق ونقص كيسه، وأقبل قبحه، فلا يزال كذلك حتى ينسلخ من جميع ما كان فيه إلى ضد ذلك ويصير في حال لا ينفع به إلا للذبح أو للصياح، والبيض والفراريج، وهو مشترك الطبيعة يأكل اللحم ويحسو الدم، ويصيد الذباب، وذلك من طباع الجوارح، ويلتقط الحبوب، ويأكل البقول وذلك من طبائع بهائم الطير، وغن مما عابوا به الديك أنه لا يألف منزله، ولا يعرف ربعه، ولا يحن إلى دجاجة، ولا تتوق نفسه إلى طروقته ولا يشتاق إلى ولده، ولا يذكر ولا يتذكر، ولا يهتدي، ولا يتصور لأنه له طبيعة بلهاء ذاهلة، وذلك أنه إذا سقط على حائط لم تكن له هداية ترشده إلى داره وهو لا يثبت وجه صاحبه، ولو لم يخلق إلا عنده، وفي ظله، وتحت جناحه، ولا يتزاوج لغلبة الشبق عليه وإن مما مدحوه به أن يجمع له عدة دجاج يسوسهن بالمواساة، ولا يؤثر واحدة منهن على صويحباتها، وإنه يعرف الأوقات الزمانية الليلية، ويقسط أصواته عليها تقسيطا لا يكاد يغادر منه شيئا سواء طال الليل أم قصر حتى كان طبعه على حدته وهو لا يصقع لشيء رآه أو تخيله، أو سمع صوتا فأجاب، وإنما يصقع لشيء في طبعه إذ لا قبل ذلك الوقت من الليل هيجه، ولو لم يكن في القرية ديك غيره، وهو يوالي صياحه قبل الفجر ثم بعده إلى أن يبسط النهار، وله أيضاً أصوات في النهار لا يعدوهن، موضوعات أيضاً على الساعات الزمانية، ومن عجيب أحوال الديكة أنها إذا كانت قد ربيت في مكان ثم دخل عليها ديك غريب سفدته جميعها، والديك يضرب به المثل في السفاد، وذلك أنه ينقر الحب ويحمله بطرفي منقاره حتى يرميه بين يدي الدجاج، وإذا ظفر بشيء منه وهن عنه غيب دعاهن إليه وقنع منه بدون حاجته توفيرا عليهن والديكة تعظم بدليل السند حتى تكون مثل النعام
الوصف والتشبيه
قال بعضهم يصف حسن الدجاجة ونبل الديك:
كان الديك ديك بني نمير ... أمير المؤمنين على السرير
كأن دجاجهم في الدار رقطا ... وفود الروم في قمص الحرير
ولأبي بكر الصنوبري من أبيات يصف ديكا:
مغرد الليل ما يألوك تغريدا ... مل الكرى فهو يدعو الصبح مجهودا
لما تطرب هز العطف من طرب ... ومد للصوت لما مده الجيدا
كلابس مطرفا مرخ ذوائبه ... تضاحك البيض من أطرافه السودا
حالي المقلد لو قيست قلادته ... بالورد قصر عنها الورد توريدا
زان بفصي عقيق يدركان له ... من حدة فيهما ما ليس محدودا
يقول هذا عقيد الملك منتسب ... في آل كسرى عليه التاج مشدودا
أو فارس شد مهمازيه حين رأى ... لواء قائده للحرب معقودا
وقال السري الرفاء:
كشف الصباح قناعه فتألقا ... وسطا على الليل البهيم وأبرقا
وعلا فلاح على الجدار موشح ... بالوشي توج بالعقيق وطوقا
مرح سدول التاج في لباته ... ومشمرا وشيا عليه منمقا
وقال علي بن الحسين الأصفهاني يصف ديكا من أبيات ويرثيه فيها:
لما بقعت وصرت علق مضنة ... ونشأت نشو المقبل المومق
وتكاملت حلل الجمال بأسرها ... لك من جليل خالص ودبيق
نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 96