نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 91
وأما الحركة: فالطيران في علو ومد العنق إلى فوق، وقلة الاضطراب في جو السماء وضم الجناحين في الهواء وشدة الركض في الطيران، فأي طائر اجتمعت فيه هذه الصفات فهو الكامل. الوصف والتشبيه
سأل المهدي رجلاً عن طائر جاء من غابة فقال لو لم يبين بفضيلة السبق لبان في حسن الصورة، فقال: صفه لي فقال فدفد. . . فد الحلم، وقوم تقويم العلم لو كان في ثوب خرقة، أو صندوق قلقة يمشي على عتمين ويلقط بدرتين، وينظر بجمرتين إذا أقبل فديناه، وإذا أدبر حميناه، وقال عبد الصمد بن فتوح الأندلسي يصف حماماً جاء بالسبق وهو يقول:
يجتاب أودية السحاب بخافق ... كالبرق أومض في السحاب فأبرقا
لو سابق الريح الجنوب لغايةٍ ... يوماً لجاءك مثلها أو أسبقا
يستقرب الأرض البسيطة مذهباً ... والأفق ذا السقف الرفيعة مرتقى
ويظل مسترق السماع تخاله ... في الجو تحسبه الشهاب المحرقا
يبدو فيعجب من رآه بحسنه ... وتكاد آية عنقه أن تنطقا
مترقرقاً من حيث درت كأنما ... لبس الزجاجة أو تجلبب زئبقا
وقال أبو نؤاس يصفه من أرجوزة:
وصاحبات نفر من زاعق ... يطرن بالجو بأعلى حالق
نواشط بريشها خوافق ... يبعدن أن يبلغن بالبيادق
يحسبهن لصقاً بالخافق ... فلو حملن حاجة لعاشق
متيم القلب رعوب خافق ... رسائلاً منه إلى صدائق
سلس من شدة شوقٍ شائق ... يقطعن في مده نطق الناطق
مغارب الأرض إلى المشارق ... لدى الملمات وفي الحقائق
كالبرق يبدو قبل جود دافق ... والغيث يخفى وقعه للرامق
إن لم تجده بدليل البارق
ومن رسالة للقاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البياتي الكاتب يصف طائراً جاء في غابة: وكأن الطائر أحد الرسل المسيرة، بل المبشرة، والجنود المحررة بل المسخرة، فإنها لا تزال أجنحتها تحمل البطائق أجنحة، وتجهز جيوش المقاصد والأقلام أسلحة، وتحمل من الأخبار ما تحمل الضمائر، وتطوى الأرض إذا نشرت الجناح الطائر، وتزوي لها الأرض حتى ترى ما ستبلغه ملك هذه الأمة، وتقرب بها السماء حتى ترى ما لا يبلغه وهم ولا همة، وتكون مراكب للأغراض لما كانت الأجنحة قلوعها، وتركت) الجو بحراً تصطفق (فيه هبوب الريح، موجاً مرفوعاً، وتعلق الحاجات على أعجازها، فلا تعرف الإرادات غير إنجازها، ومن بلاغات البطائق استعارت ما هي به مشهورة من السجع، ومن رياض كبتها ألفت الرياض فهي إليها دائمة الرجع، وقد سكنت البروج فهي أنجم، وأعدت في كنائنها، فهي للحاجات أسهم وقد كادت أن تكون ملائكة، إذا ما ينطق بالرقاع، صارت أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع، وقد باعد الله بين أسفارها وقربها، وجعلها طيف اليقظة الذي صدق العين وما ذكبها، وقد أخذت عهود الأمانة في رقابها أطواقاً فأذتها من أذنابها أوراقا، فصارت خوافي وراء الخوافي، وغطت سرها المودع بكتمان سحبت عليه ذيول ريشها الضوافي ترغم النوى بتقريب العهود، وتكاد العيون تلاحظها تلاحظ أنجم السعود فيه أنبياء الطير لكثرة ما تأتي به من الأنباء، وخطباؤهم لأنها تقوم على منابر الأغصان قيام الخطباء
القول في طبائع الببغاء
وهو طائر هندي وحبشي دمث الخلقة، ثاقب الفهم له قوة على حكاية الأصوات وتلقي التلقين تتخذه الملوك في منازلهم لتنم بما يقع فيها من الأخبار وفي لونه، الأغبر، والأسود، والأخضر، والأصفر، والأبيض، وقد أهدى لمعز الدولة هدية من اليمن فيها ببغاء بيضاء سوداء المنقار، والرجلين وعلى رأسها ذؤابة فستقية، وكل هذه الألوان معروفة خلا الأخضر وفي طبع هذا الطائر أن يتناول طعمه بكفه كما يتناول الإنسان الشيء بيده، وله منقار معقف قصير يكسر به الصلب وينقب به ما يعسر نقبه، وكل ما له نغمه، وإطراب فله هدر وسمت يتزاوج، ويتعاشق ويسكن الذكر إلى أنثاه، وله عفة في مأكله، ومشربه، ومنكحه،) وديع ليس بشره ولا أشر (وهو بمثابة الإنسان الترف الطريف، والناس يحتالون على تلقينه بأن ينصب تجاه مرآة بحيث يرى خياله فيها ويتكلم الإنسان من ورائها، فيتوهم أن خياله في المرآة هو الذي يتكلم فيأخذ نفسه بحكاية ما سمعه من صوت الإنسان الوصف والتشبيه
نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 91