نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 78
وهذا النوع الثاني من الجوارح، وينقسم إلى خمسة أصناف: البازي، والزرق والباشق، والعفصي، والبيدق، والبازي أحرها مزاجاً لأنه قليل الصبر على العطش، ومأواه الشجر العادية الملتفة، والظل الظليل ومطرد المياه، وهو لا يتخذ وكراً إلا في شجرة لها شبكة ذات شوك مختلفة الحجون يطلب بذلك السكن فلا يقع في شتاء ولا صيف على أغصانها وأطرافها، وإذا أراد أن يفرخ بنى لنفسه بيتاً، وسقفه تسقيفاً لا يصل إليه منه مطر ولا ثلج إشفاقاً منه على نفسه من البرد والحر، ولهذا إذا اخطأ صيده، وكان في برية لا شجر فيها ولى ممعناً حتى يلج كهفاً من جبل أو جداراً من الأرض يسكن فيه، ولذلك علق عليه الجرس، كيما يدل على موضعه إن خفي، وهو لا يطيق البرد ولا الحر لرقة جوانحه فسبيله في البرد أن تقترب منه النار ليدفئ، أو تجعل كفيه في الشتاء وبر الثعالب، واللبود، وسبيله في الحر أن يجعل في بيت كنين من السموم، بارداً بالنسيم، ويفرش له الريحان والخلاف وهو خفيف الجناح سريع الطيران، يلف طيرانه كالتفاف الفاختة، ويسهل عليه أن يزج نفساً صاعداً أو هابطاً، وينقلب على ظهره حتى يلتقف فريسته، وسبيله أن يضرا على صيد الدراج، والقبج، إذا كان طويل المنسر، وإذا كان قصيراً فسبيله أن يضرا على طير الماء والحبرج، والإناث من هذا الصنف أجرأ على عظام الطير من ذكورها.
قال أصحاب الكلام في البيزرة: إن الإناث من البزاة إذا كان وقت سفادها وهياجها يغشاها جميع أجناس الضواري كلها، الزرق، والشاهين والصقر وغيرها وإنها تبيض من كل طير يغشاها، ولهذا تجيء مختلفة الأخلاق من الجبن والجرأة، والحب، والغدر، والذكاء، والقوة، والضعف، والحسن، والقبح، والشراهة، ولهذا البازي ما يدرك ما بين العصفور إلى التدرج والكراكي، والطيطوي، وصفة الفاخر منه أن يكون قليل الريش، أحمر العينين حادهما، وأن تكونا مقبلتين على منسره حجاجتهما ممطلان عليهما، ولا يكون وضعهما في جنبي رأسه كموضع عين الحمام، والأزرق دون الأحمر العين والأصفر دونهما، وسعة الأشداق دليل على قوة الافتراس، ومن صفاته المحمودة أن يكون طويل العنق عريض الصدر ما بين المنكبين، شديد الانخراط إلى ذنبه، وأن يكون فخذاه طويلين مسرولين بريش وذراعيه قصيرتين غليظين، وأشاجع كفيه عارية وأصابعه متفرقة، ولا تكون مجتمعة ككف الغراب، ومخلبه أسود، ومنسره رقيقاً، وأفخر ألوانه الأبيض ثم الأشهب وهما لونان يدلان على الشدة والصلابة فإن اتفق أن يكون هذا أحمر العين، وكثيراً ما يتفق كان نهاية، وهذا اللون في البزاة كالكميت في الخيل لأنه يدل على الشدة، والأحمر) من البزاة أخسها (لأنه كالسوسي من الخيل بعيد الفلاح، وبعض الناس يقول: أشرف البزاة الطغرك ثم البازي التام، وهو الذي قد وصفناه وذكرناه، والطغرل لا يعرفه غير الترك، وهو عزيز جداً، وربما وجد الواحد منها بعد الواحد فيغلب عليه الملوك، ويكون في بلاد الخزر ومأواها فيما بين خوارزم إلى أرمينية، وهو يجمع صيد البازي والشاهين، وقيل أنه لا يعقر بمخلبه شيئاً إلا سمه، وكلما برأ جرحه انتقض، ولهذا يحمل على دستبانات الوبر الوثيرة
فصل
أول من صاد هذا الطائر أعني البازي لذريق أحد ملوك الروم الأول، وذلك أنه رأى بازياً إذا علا كتف، وإذا سفل خفق، وإذا أراد أن يسمو ذرق، فاتبعه حتى اقتحم شجرة ملتفة كثير الدغل، فأعجبته صورته، فقال: هذا طائر له سلاح تتزين بمثله الملوك، فأمر بجمع عدة من البزاة، فجمعت وجعلت في مجلسه، فعرض لبعضها أيم فوثب عليه فقتله، فقال: ملك يغضب كما تغضب الملوك ثم أمر به فنصب على كندره بين يديه، وكان هناك ثعلب فمر به مجتازاً فوثب عليه فما أفلت منه إلا جريحاً، فقال: هذا جبار يمنع حماه، ثم أمر به فضري على الصيد، واتخذته الملوك بعده والله أعلم بالصواب.
الوصف والتشبيه
قال أبو نؤاس يصفه:
قد اغتدى والليل ذو دواجٍ ... ببازي الصيد على ابتهاج
كضرغام جاء.. من منهاج ... البسه وشياً بلا نساج
موشية الرياش كالدجاج ... منقط ظاهره بزاج
ومنسر أسرف باعوجاج ... تخاله صدغاً على معناج
زرفته إذ قام للبراج ... في وجنة تبرق، مثل العاج
وقال الناشئ أيضاً من مزدوجة:
نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 78