نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 56
وكتب الوزير أبو القاسم علي بن الحسين المعري رسالة يرد فيها على من عاب حمارا، وكيف يعاب الحمار، وله نسب في الصالحين عريق، ومجد في الأولين وريق وباتخاذ المكرمين إلى البتول، وابن البتول صلى الله عليه وسلم مطية، وبأنه كان للعزيز عليه السلام آية، وقد اختير للمطهمة بعلا، وارتضى لها قرينا وشكلا، أم كيف يذم، وأعلى أمد الجواد كان أثاره، وأشرف مقام العرب للمعرب شق العبارة، ومن محاسن الأوصاف فيه قول أحمد بن طاهر من أبيات:
شية كأن الشمس فيها أشرقت ... وأضاء فيها البدر عند تمامه
وكأنه من تحت راكبه. . . . إذا ... ما لاح برق لاح تحت غمامه
ظهر كجري الماء لين ركوبه ... في حالتي أتعابه وجماحه
سفهت يداه على الثرى فتلاعبت ... في جريه بسهوله وأكمامه
عن حافر كالصخر إلا أنه.. ... أقوى وأصلب منه في استحكامه
ما الخيزران إذا انثنت أعطافه ... في لين معطفه ولين عظامه
عنق يطول بها فضول عنانه ... ومحزم يغتال فضل حزامه
وكأنه بالريح منتعل وما ... جري الرياح كجريه ودوامه
أخذ المحاسن آمنا من عيبه ... وحوى الكمال مبرأ من ذامه
ولأبي القسم علي بن الحسن الباخرزي من أبيات يرثي بها جمارا:
يواري بأجواف السباع مهملج ... متى أتذكر قوته اتسخط
مسرة محزون وقرة ناظر ... وجمال أعياء وراحة ممتط
وجواب آفاق وعدة راجل ... وحلية إصطبل وزينة مربط
يخاف الطريق الوعر وطأة رجلة ... ويعلو الصبا عن جريه المتوسط
شطر أولأناف به طول الثوى فعذاره ... بعيد المراقي سامح المتنوط
له ذنب ضاف به سد فرجه ... كما استرسلت أهداب برد نخطط
وأسنانه كالدر شتتها البلى ... وقد كن أشباها كعقد مسمط
على متنه جلد يروق رواؤه ... ولا كالد يبقى النسيج المخيط
يحاكي بترجيع النهاق فريده ... توافق بالا كان أوتار مربوط
وينصب أذنا لم تفتها لطافه ... سوى أنها بالشنف لم تنقرط
ثم خرج إلى التعزية فيه لمن أصيب، وعمل هذه الأبيات بسببه ولآخر:
لا تنظرن إلى هزال حماري ... وانظر إلى مجراه في الأخطار
متوقد جعل الذكاء إمامه ... فكأنما هو شعلة من نار
عادت عليه الريح عند هبوبها ... فكأنه ريح البور يباري
والمثل يضرب في الحمير المهزولة بحمار طياب كما يضرب المثل في ذلك ببغلة أبي دلامة، وللناس فيه أشعار كثيرة، الجيد منها شعرا:
وحمار بكت عليه الحمير ... دق حتى به الرياح تطير
كان فيما مضى يسير بضعف ... وهو اليوم واقف لا يسير
شطر أولكيف يمشي وليس يعلن شيئا ... وهو شيخ من الحمير كبير
لمح القت مرة فتغنى ... بحنين وفي الفؤاد زفير
ليس لي منك يا ظلوم تعير ... أنا عبد الهواء وأنت أمير
ولخالد الكاتب:
وقائل إن حماري غدا ... يمشي إذا صوب أو اصعدا
فقلت لكن حماري إذا ... حثثته لا يلحق المقعدا
يستعذب الضرب فإن زدته ... كان من اللذة أن يرقدا القول في الإبل
نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 56