نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 41
والزرافة في كلام العرب الجماعة لأنها اجتمع فيها صفات لكثير من الحيوان وهي عنق الجمل وجلد النمر، وقرن الظبي، وأسنان البقر، ورأس الإبل زعم بعض المتكلمين في طبائع الحيوان أنها متولدة بين الحيوانات، وقال أن السبب في ذلك اجتماع الوحوش، والدواب في حمارة القيظ على شرائع المياه فتتسافد فيلقح منها ما يلقح ويمتنع منها ما يمتنع، فربما سفد الأنثى من الحيوان ذكور كثيرة فيختلط مياهها فيجيء منها خلق مختلة الصور والألوان والأشكال والفرس تسمي الزرافة) اشتر كاو بلنك (وتأويل أشتر بالفارسية بعير، وكاو بقرة، وبلنك الضبع وهذا كما رأيت موافق لما ذهبت إليه العرب من كونها مركبة الخلق من حيوانات شتى، والجاحظ لا يعجبه هذا القول ويقول أنه جهل شديد لا يصدر عمن لديه تحصيل لأن الله تعالى يخلق ما يشاء على ما يشاء وهو نوع من الحيوان قائم بنفسه كقيام الخيل والحمير، وما يحقق ذلك أنه يلد مثله وقد شوهد، وهي طويلة اليدين والعنق جداً حتى تكون في مجموعها عشرة أذرع وأكثر، قصيرة الرجلين جداً، وليس لها ركب، وإنما الركب ليديها كسائر البهائم وإذا أكلت مما على الأرض تفحجت لقصر عنقها عن يديها، ومن عادتها أنها تقدم عند المشي اليد اليمنى والرجل اليسرى، بخلاف ذوات الأربع، فإنها كلها تقدم اليد اليمنى، والرجل اليمنى، وفي طبعها التآلف والتودد، والتأنس بأهلها وهي تجتر وتبعر. الوصف والتشبيه
قال ابن حمديس يصفها:
ونوبية في الخلق فيها خلائق ... متى ما ترق العين فيها تسفل
إذا ما أسمها ألقاه في السمع ذاكر ... رأى الطرف منها ما عناه بمقول
لها فخذا قرم وأظلاف مرهب ... وناظرتا رئم وهامة أيل
كأن الخطوط البيض والصفر أشبهت ... على جسمها ترصيع عاج بصندل
ودائمة الاقعاء في في أصل خلقها ... إذا قابلت أدبارها عين مقبل
تلفت أحياناً بعين كحيلة ... وجيد على طول اللواء المضلل
وتنفض رأساً في الزمام كأنما ... تريك له هاو على السحب معتلي
وعرف رقيق الشعر تحسب نبته ... إذا الريح هزته ذوائب سنبل
وتحسبها من مشيها إن تبخترت ... تزف إلى بعل عروساً وتنجلي
فكم منشد قول امرئ القيس عندها ... " أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل "
وقال أبو علي بن رشيق يصفها وذكر ممدوحة:
وأتاك من كسب الملوك زرافة ... شتى الصفات لكونها أثناء
جمعت محاسن ما حكت فتناسبت ... في خلقها وتنافت الأعضاء
تحثها بين الخوافق نسبة ... بادٍ عليها الكبر والخيلاء
وتمد جيداً في الهواء يزينها ... فكأنه تحت اللواء لواء
حطت مآخرها وأشرف صدرها ... حتى الثرى لو لمت الأجزاء
وتخيرت دون الملابس حلة ... عيت بصنعة مثلها صنعاء
لوناً كلون الذبل إلا أنه ... حلى وجزع بعضه الجلاء
أو ملثما صدئت صفائح جوشن ... وجرى على حافاتهن جلاء
نعم التجافيف التي قد درعت ... من جلدها لو كان فيه وقاء
ومن أبيات للفقيه عمارة اليمني، وصف فيها داراً جاء منها في وصف تصاويرها وذكر الزرافة:
وبها زرافات كأن رقابها ... في الطول ألويةً تؤم العسكرا
نوبية المنشأ تريك من المها ... روقا ومن بزل المهاري مشفرا
جبلت على الإقعاء من إعجابها ... فتخالها للتيه تمشي القهقري وقال أبو علي بن رشيق:
ومجنونة أبداً لم تكن ... مذللة الظهر للراكب
قد اتصل الجيد من ظهرها ... بمثل السنام بلا غارب
ملمعة مثلما ... لمعت ... بحناء ومشي يد الكاعب
كأن الجواري كنفها ... تخلج من كل جانب
القول في طبائع البقر الوحشية
نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 41