نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 23
أصيده رجع مغضبا، وربما قتل سائسه وقتئذ، ومن أخلاقه أن يأنس لمن يحسن إليه، ويقال أنه لص من لصوص السباع وهو وإن كان وحشيا فإنه يقبل الأدب إلا أن كبارها أقبل، وإن تقادمت في التوحش، وإناثها أصيد من ذكورها، وفي طبعه أنه يحب الحسن ويصغي إليه وربما كان سببا في صيده، ومما ركب فيه أن ما عجز عن التكسب منها لهرم تجتمع على فهد يصيد لها في كل يوم شبعها، وقال أرسطو: والسباع تشتهي رائحة الفهد وتسدتل بها على مكانه وتعجب به أشد العجب، فهو يتغيب عنها لذلك، وربما قرب بعضها من بعض فيطمع في نفسه، فإذا أحس السبع منه ذلك وثب عليه فأكله، وهو ألطف شما لأرايح السباع القوية الشم فإذا مر به أيل مفاجأة وثب عليه وأنشب مخالبه في مخالغه ومص دمه حتى يضعف الأيل، ويسقط فتجتمع عليه الفهود فتأكله، فإن اجتاز به أسد نهض وترك الفريسة له تقربا إليه والفهد يعتريه داء يسمى خناقة الفهود، وقد ألهم أنه إذا اعتراه ذلك يأكل العذرة فيبرأ ويقال إن الأدواء التي تعتري الكلب تصيبه، وهي الكلب والذبحة والنقرس والفالج والجرب، وهذا الداء يعرض له فيصيبه الجرب، ويقال أنه يفسد الدبة فيتولد من بينهم سبع مختلف المنظر لا يتناول الناس ولكن يصيد الكلاب ويأكلها. فصل
وينبغي إذا صيد أن تغطى عيناه ويدخل في جواليق، ويجعل في بيت قد وضع فيه سراج، ويلازمه سائسه ليلا ونهارا، ولا يدخل عليه غيره إذا أنس به اركبه ظهر دابة، وأطعمه على يده، وأول من صاد به كليب بن وائل ويقال همام بن وبرة، وكان صاحب لهو وطرب، وأول من حملها على الخيل يزيد بن معاوية، وأكثر من اشتهر باللعب بها أبو مسلم الخراساني، وأول من استأنس الحلقة في الصيد وأولع بها كثيرا المعتضد والمواضع التي يوجد بها هذا الحيوان ما يلي: بلاد الحجاز إلى اليمن، وما يليها إلى بلاد العراق، وفيما يلي بلاد الهند إلى التبت.
الوصف والتشبيه
قال أبو إسحاق الصابي من رسالة طردية: ومعنا فهود أخطف من البروق وأرسع من السهم حين المروق، وأثقف من الليوث، أجرى من الغيوث وأمكر من الثعالب وأدب من العقارب خمص الخصور، قب البطون رقش المنون حمر الاماق حزر الأحداق، هرت الأشداق، عرض الجباه غلب الرقاب. كاشرة عن أنياب كالحراب تلحظ الظباء من أبعد غاياتها، وتعرف حسنها من أقصى نهاياتها تتبع مرابضها، وآثارها، وتشم روائحها وانشارها.
ومن رسالة طريدة لضياء الدين المعروف بابن الأثير الجزري يصف فهدا وذكر ظبيا، فأرسلنا عليه فهدا سلس الضريبة ميمون النقية منتسبا إلى نجيب من الفهود ونجيبة كأنما ينظر من جمرة، ويسمع من صخرة، ويطأ من كل برثن على شفرة وله أهداب قد حيك من ضدين بياض وسواد، مصور على أشكال العيون فتطلعت إلى انتزاع الأرواح من الأجساد، وهو يبلغ المدى الأقصى في أدنى وثباته ويسبق الفريسة، قلا يقتنصها إلا عند التفاتة، وقال بعض الأعراب يصف فهدا من أبيات:
بذلك أبغي الصيد طورا وتارة ... بمخطفة الاكفال رحب الترائب
مرفقة الأذناب نمر ظهورها ... مخططة الآذان غلب الغوارب
مدنرة ورق كأن. . . عيونها ... حواجل تستذري متون الرواكب
إذا قلبتها في الحجاج حسبتها ... سني ضرم في ظلمة الليل ثاقب
مولعة فطس الأنوف عوابس ... تخال على أشداقها خط كاتب
نواصب للأذان حتى كأنها ... مداهن للأجراس من كل جانب
ذوات آشاف ركبت في أكفها ... نوافذ في صم الضمور نواشب
فوارس ما لم تلق حربا ورجله ... إذا التبست بالبيد شهب الكتائب
تضاءل حتى ما تكاد تبينها ... عيون لدى الصرات غير كواذب
حراص يفوت البرق أمكث جريها ... ضراء مدلات بطول التجرب
توسد اجياد الفرائس أذرعا ... مرملة تحكي عناق الحبائب
وقال عبد الله بن المعتز يصف فهدة:
ولا صيد إلا بوثابة ... تطير على أربع كالعذب
معلمة من نتاج الرياح ... تريك على الأرض شيئا عجب
تضم الطريد إلى نحرها ... كضم المحبة من لا يحب
إذا ما رأى عدوها خلفه ... تناجت طمائره بالعطب
لها مجلس من مكان الرديف ... كتركية قد سبتها العرب
وفعلتها سائل كحلها ... وقد حليت سبجا من ذهب
نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 23