نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 22
ومزاج هذا الحيوان كمزاج السبع، وهو صنفان عظيم الجثة صغير الذنب وبالعكس، وزعم أصحاب البحث عن طباع الحيوان أن النمرة لا تضع ولدها إلا وهو مطوق بأفعى وهي نعيش وتنهش إلا أنها لا تقتل، ومنزلته من السباع في الرتبة الثانية من الأسد، وهو خفيف الجرم شديد الحضر، يقضان الحراك، وفي طبعه عداوة الأسد، والظفر بينهما سجال وهو وإن كان ينتصف من الأسد فإن قوته على سائر الحيوان قوة الأسد، وهو نهش خطوف بعيد الوثبة، وربما وثب أربعين ذراعا صعدا إلى مجثمه الذي يأوي إليه، وفي طبعه أنه؟ يشبع لثلاثة أيام يقطعها بالنوم، ثم يخرج في اليوم الرابع، ومتى لم يصد لم يأكل ولا يأكل من صيد غيره كالأسد وينزه نفسه من أكل الجيفة، ولو مات جوعا، ولا يأكل لحوم الناس إلا للتداوي من داء يصيبه، وفيه زعارة خلق، وحد نفس وتجهم وجه، وشدة غيظ، ولهذا يقال: إذا كثر حنق الرجل على عدوه، واشتد غيظه لبس له جلد النمر أي تخلق باخلاقه، والمعضوض من هذا النوع يطلبه الفأر ليبول عليه فإذا ظفر به وبال عليه مات، وهو يحب شرب الخمر، وبها يصاد، فإنه إذا سكر نام، وزعموا أنه يتولد بينه وبين اللبوة سبع يسمى الذراع، على قدر الذئب العظيم جريء لا يأوي معه شيء من السباع والوحش.
الوصف والتشبيه
قال أبو الفتح كشاجم من طردية:
وكالح كالمغضب المهيج ... جهم المحيا ظاهر التشنيج
يكشر عن مثل مدى العلوج ... أو كشبا أسنة الوشيج
مدبج الجلد بلا تدبيج ... كأنه من نمط منسوج
تريك فيه لمع التدريج ... كواكبا لم تك فيه بروج
فصل
ومن أطرف ما يحكى أن مروان بن الحكم دس القتال الكلابي لابن هبار فقتله ثط طلبه ليقتله به ليزيل عن نفسه التهمة فهرب منه، ولجأ إلى غار فيه نمر فاعتركا طويلا، فلما لم يظفر واحد منهما بصاحبه تآلفا، فكان هذا يأكل من صيد هذا وهذا يأكل من صيد هذا، إلا أن القتال كان يأكل مما تمسه النار فقال يذكر حاله:
أيرسل مروان إلي رسالة ... لآتيه أني أذن لمضلل
وما بي عصيان ولا بعد مرحل ... ولكني من شخص مروان أوجل
ولصاحب في الغار هذا الصاحب ... أبو الجون إلا أنه لا يعلل
إذا ما التقينا كان أذكى حديثنا ... ضمات وطرف كالمعابل اطحل
كلانا عدو ولو يرى في عدوه ... مهزا وكل في العداوة مجمل
تضمنت الأروى لنا بشوائنال ... فكل له منها صديق مخردل
وأفضله في صنعة الزاد إنني ... أميط الأذى عنه ولا يتمهل القول في طبائع الفهد
زعم أرسطو أنه متولد بين أسد ونمرة، أو بين لبوة ونمر ومزاجه كمزاج ما تقدم وفي طبعه مشابهة لطبع الكلب في أدوائه والنوم الذي يعتريه، ويقال: إن الفهدة إذا حملت وثقلت حملها، حنى عليها كل ذكر يراها من الفهود، يواسيها من صيده، فإذا أرادت الولادة هربت إلى موضع قد اعدته لها حتى إذا علمت أولادها الصيد تركتها، وهذا الحيوان يضرب به المثل في شدة النوم، وقال الشاعر وقد عيره بكثرة النوم:
رقدت مقلتي وقلبي يقظا ... ن يحس الأمور حسا شديدا
يحمد النوم في الجواد كمالا ... يمنع الفهد نومه أن يصيدا
وليس شيء في جرم الفهد من الحيوان، إلا والفهد أثقل منه، وأحطم لظهر الدابة والإناث أصعب خلقا، وأكثر جرأة، وإقداما من الذكور، وفي أخلاق الفهد الحياء وذلك أن الرجل يمر بيده على سائر جسده، فيسكن لذلك حتى تصيب اليد مكان الثفر فيقلق حينئذ ويغضب، ومن خلقه الغضب، وذلك إذا وثب على طريدة لا يتنفس حتى ينالها، فيحمى لذلك، وتمتلئ رئتيه من الهواء الذي حبسه وسبيله أن يراح ريثما يخرج النفس، ويبرد تلك الغلة، ويشق له عن قلب الطريدة ويشم إياه ثم يطعمه منه، ويسقي رية ماء إن كان الزمان قيضا، ودون الري إن كان الزمان بردا، وإن لم يروح لم يفلح بعد ذلك، وإذا أخط
نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 22