نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 109
قال الجاحظ: تقول سرأت الجرادة إذا باضت، فإذا خرج من بيضه فهو دبي، ويخرج دودا أصهب إلى البياض، فإذا تكونت فيه خطوط سود وصفر وبيض فهو المسيح، فإذا ضخم جناحه فذاك الكتفان، لأنه حينئذ يكتف المشي، فإذا ظهرت أجنحته، وصار أحمرا إلى الغبرة فهو الغوغاء، والواحدة غوغاة، وذلك حين يستقل فيموج بعضه في بعض، ولا يتوجه إلى جهة، فإذا بدت في لونه الحمرة والصفرة واختلف في ألوانه فهو الخفيان، فإذا اصفرت الذكور، واسودت الإناث سمي جرادا حينئذ، وهو إذا أراد أن يبيض التمس البيضة المواضع الصلبة والصخور الصلدة التي لا تعمل فيها المعاول فيضربها بذنبه، فتنفرج له ثم يلقي بيضه في ذلك الصدع فتكون له كالافحوص، ويكون حاضنا له ومربيا، وللجرادة ستة أرجل يدان في صدرها، وقائمتان في وسطها، ورجلان في مؤخرة جسدها، وطرفا رجليها منشاران، والجراد من الحيوان الذي ينقاد إلى رئيس يجتمع كالعسكر إذا ظعن أوله تابع كله ظاعنا، وإذا ترك أوله ترك جميعه ولعابه سم ناقع لا يقع على شيء إلا أهلكه، وجاء في الحديث) الجرادة نثرة من حوت (، ولذلك هو يؤكل ولا يذبح، وفي الجرادة خلقة عشرة من جبابرة الحيوان وجه الفرس، وعينا فيل، وعنق ثور، وقرنا أيل، وصدر أسد، وبطن عقرب، وجناحا نسر، وفخذا جمل، ورجل نعامة، وذنب حية
الوصف والتشبيه
قال بعض الشعراء يصف ما اجتمع فيه حيث يقول:
لها فخذا بكر وساقا نعامة ... وقادمتا نسر وجؤجؤ ضيغم
حبتها أفاعي الرمل بطنا وأنعمت ... عليها جياد الخيل بالرأس والفم
وقال بعض الأعراب يذكره افساده: باكرنا وسمى ثم خلفه ولى حتى كان الأرض وشي منشور عليه لؤلؤ منثور، ثم أتتنا غيوم جراد بمناحل حداد، فأخربت البلاد وأهلكت العباد فسبحان من يهلك القوي الأكول بالضعيف المأكول. وما أظرف قول القائل:
دب الجراد على زرعي فقلت له ... مهلا رويدك لا تعجل بافساد
فقال منهم خطيب فوق سنبلة ... إنا على سفر لا بد من زاد
وقال أبو هلال العسكري يصف جرادة:
أجنحة كأنها ... أردية من قصب
لكنها منقوطة ... مثل صدور الكتب
بأرجل كأنها ... مناشير من ذهب
وقال أيضا فيها:
وأعرابية ترتاد زادا ... فتمرق من بلاد في بلاد
غدت تمشي بمنشار كليل ... تبوع به قرارة كل واد
وتنشر في الهواء عذبات شرى ... على أرجائه نقط المداد
وقال يعلي بن إبراهيم الأندلسي يصف دبأة:
وخيفانة صفراء القرا ... أتتك بلون أسود فوق أصفر
وأجنحة قد ألحقتها لرؤية ... تقاصر عن أنثاه برد محبر
وقال آخر في ذلك:
جرادة حنت القلوب لها ... حين أشارت بناظري ربرب
صفراء حسن يشوبها رقط ... في نقط من عبيرها الأشهب
كأنها والجناح حلتها ... راقصة في ممسك مذهب
القول في طبائع دود القز
وإنما ذكرته مع ذي الجناح لأن ماله إليه كما سنذكر، وذلك أنه يكون أولا بزرا في قدر حب التين، وهو البيض الذي يتكون فيه وخروجه منه عند استقبال فصل الربيع، وهيئته عند الخروج أصغر من الذر وفي لونه، وهو يخرج في الأماكن الدافئة من غير حضن، إذا كان مصرورا مجعولا في حق، وما تأخر خروجه تضعه النساء تحت ثديهن في صرره، فإذا خرج أطعم ورق التوت، ولا يزال يكبر ويعظم إلى أن يكون في قدر الإصبع، وينتقل من السواد إلى البياض أولا فأول، وذلك في مدة ستين يوما على الأكثر ثم يأخذ في النسيج على نفسه بما يخرجه من فيه إلى أن ينفد ما في جوفه منه، ويكمل عليه ما يبنيه، فتكون كهيئة الجوزة ويبقى فيه محبوسا قريبا من عشرة أيام ثم ينقب عن نفسه تلك الجوزة، ويخرج منها فراشا أبيضا ذا جناحين لا يسكنان من الاضطراب الحركة، وعند خروجه يهيج إلى السفاد فيلصق الذكر ذنبه بذنب الأنثى، ويلتحمان مدة زمانية ثم يفترقان، وتنثر الأنثى البزر الذي قدمناه ذكره على الخرق البيض، تفرش قصدا إلى أن ينفد ما فيها منه ثم يموتان، هذا إذا أريد منهما البزر، وإذا أريد الحرير تركت في الشمس بعد فراغه من النسج لعشرة أيام، يوما أو بعض يوم فيموت، وما أحسن ما أشار إليه الشاعر بما يؤول إليه حال هذا الحيوان وضربه مثلا للحرص على جمع المال:
نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 109