نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 106
وهو حيوان عنده الكيس، والفهم، والنظافة، والطهارة، والشجاعة والنظر في العواقب، ومعرفة فصول السنة وأوقات المطر، قال أرسطو النحل تسعة أصناف منها ستة يأوي بعضها إلى بعض، وذكر أسماءها باليونانية ثم قال وغذاء النحل من الطل، والرطوبات التي يرشح بها الزهر، والورق، ويجمع ذلك ويدخر، وهو العسل، ويجمع مع ذلك رطوبات وسمة يتخذ منها بيوت العسل وأوعية له، وهذه الدسومات هي الشمع، وهو يجلبه على ساقيه) في أطراف الشجر يسقط عليها وإن الربيع مثقل، وفي أعمال النحل (، وتدبيره لمعاشه اختلاف كبير فإنه إذا أصاب خلية نظيفة نقية بنى فيها بيوتا من الموم وهو الشمع أولا ثم بنى البيوت التي تأوي فيها الملوك ثم بنى بيوت الذكر التي لا تعمل شيئا وهي اليعاسيب، والذكور أصغر جثثا من الإناث وهي تكثر المأوى داخل الخلية، وإن طارت فهي تخرج بأجمعها، وترتفع في الهواء ثم تعود إلى الخلية، والنحل تعمل أولا الشمع ثم تلقي البرز لأنه بمنزلة العش للطير، وإذا ألقت البرز تجلس عليه وتحضنه كما تحضن الطير، ويكون عند ذلك البرز دود أبيض موضوع على الشمع من جانب ثم تنهض الدودة وتغتذي بنفسها ثم تنشق له الأرجل، والأجنحة فيطير، وهو لا يقعد على أزهار مختلفة بل على زهر واحد وإن تعد على زهر آخر إنما يقعد عليه بعد أن ينصرف إلى الخلية، والنحل يملأ بعض البيوت عسلا، وبعضها فراخا ذكورا فإذا اجتمعت الفراخ على ملك بدلا من آخر طارت فإن تبعها الملك الذي تركته قتلته والملك لا يخرج إلا مع جميع النحل، فإذا عجز عن الطيران حملته، ومن خصائص الملك أنه ليس له حمة يلسع بها، ولا يترك في الكوارة بطالا ولا جاهلا لا يجتني ولا ميتة، ولا قذرا بل يأمر بالإصلاح، والنشاط وأمره مطاع متبع وسيرته مرضية فيما بينهم، ويسمى اليعسوب، والنحل يجتمع فتقسم الأعمال فبعضها يحمل العسل وبعضها يحمل الشمع، وبعضها يستقي الماء، وبعضها يبني البيوت، وبيوتها من أعجب المباني لأنها مبنية على الشكل الذي لا ينتهك، ولا ينحرف كأنه استنبط بقياس هندسي ثم هو في دائرة لا يوجد فيها اختلاف وفي طبعه أنه يهرب بعضه من بعض، ويقاتل بعضه بعضها ولا يتقاتل إلا في الخلايا، ويلسع من دنا من الخلية، وربما هلك الملسوع، وربما لسم بأن يعصر موضع اللسعة حتى تخرج الحمة، فإنه إذا لسع تركها مكان اللسعة، ومتى ذهبت الحمة من النحلة ماتت، وإذا هلك شيء من النحل داخل الخلايا أخرجه الأحياء إلى الخارج وفي طبعه النظافة ومن نظافته أنه يلقي رجيعه خارج الخلية لأنه منتن الريح وهو يعمل زماني الربيع والخريف، وما تعمله في الربيع، جود، والصغير أعمل من الكبير وهو يشرب من الماء إذا كان نقيا صافيا عذبا ويطلبه حيث كان ولا يأكل من الأكل إلا قدر شبعه، وإذا قل العسل في الخلية مذقه بالماء ليكثر خوفا من النفاذ وقد علم ذلك من حال المشتار فأنه إذا دخل الخلية وأخذ جميع ما فيها من العسل هلك النحل فإذا أراد بقاءه أخذ بعضه، وترك لها ما يقوتها زمن الشتاء، وما يغذيها عند عدم الزهر، وإذا نفذ العسل أفسد النحل بيوت الملوك وبيوت الذكور، وربما قتلت ما كان في الخلية منها وتلقيه خارجا والنحل يسلخ جلده كالحيات، وتوافقه الأصوات اللذيذة المطربة، فإنه إذا رقص وصفق بالأيدي اجتمع لذلك، والسوسن يضره، ودواؤده أن يطرح في كل خلية كف من الملح وأن تفتح في كل شهر مرة، ويدخن بزبل البقر، وفي طبعه أنه إذا طار من الخلية لا يزال حائما على الموضع الذي خرج منه حتى يأوي منه إلى شجرة أو سقف وفي طبعه الهداية، فإنه ربما اجتمع في حائط واحد مائة خلية فتخرج وترعى وتروح فتدخل كل نحلة من بيتها إلى خليتها، وأهل مصر يحولون الخلايا في المراكب ويسافرون بها إلى مواضع الزهر والثمر، فإذا أصبح المركب بمكان أرسي فيه وفتحت أبواب الخلايا فيخرج النحل منها ويرتعي يومه أجمع فإذا أمسى عاد إلى المركب وأخذ كل منها مكانه لا يتغير عنه ولهذا الحيوان من عجيب الفطنة وبديع الصنعة وترفيه المعيشة وتشييد المأوى وتدبير المربع والمشتى، والطاعة الكبيرة، والاستكانة لسائس أمره وقائد ما يتعجب من أموره ما ليس في صغير الحيوان ولا من كبيره الوصف والتشبيه
وينسب لأبي نؤاس في وصفه:
نتاج نحل خلايا غير مفرقة ... خصبت بأطيب مصطاف ومشتاء
نام کتاب : مباهج الفكر ومناهج العبر نویسنده : الوطواط جلد : 1 صفحه : 106