responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 59
والحق أن مصر منذ حملة نابليون حتى اليوم، وهي تسعى سيعًا حثيثًا في أن تحاكي أوربا في كل شيء، وقد بهرتها تلك القوة المادية الضخمة التي جعلت أوربا تتحكم في العالم، وجد محمد علي وإسماعيل في تزويد مصر بكل ما يكفل لها تلك القوة، من مصانع، وجيوش، وأساطيل، وعلماء في كل فن، ولكن تيار النهضة قد وقف منذ الاحتلال الأجنبي، ولقد ازداد حب المصريين لمحاكاة الأجانب وتقليدهم في كل ما يزاولون من شئون الحياة، عملًا بالقاعدة المعروفة: "المغلوب مولع بتقليد الغالب"، ولقد نظروا إليهم نظرة إكبار وتقدير، وفقدوا الثقة في أنفسهم، وأوهمهم هؤلاء أنهم لا يصلحون إلا أن يكونوا مرءوسين، منقادين، مع أنهم كانوا إلى عهد قريب سادة مكرمين يخشى بأسهم أهل أوربا أنفسهم.
ورأى المصريون منذ أخفقت الثورة العرابية ألا سبيل إلى النهضة الحقيقية، والاستقلال الكامل إلا بتهيئة الشعب لتحمل أعباء هذا الاستقلال. وقديمًا نادى محمد عبده بإنشاء مدرسة للقادة والزعماء، واختلف هو وأستاذه جمال الدين في هذا وتبنى محمد عبده هذه الفكرة بعد أن عاد من منفاه ورأى أن يسير في النهضة ببطء، وثقة وتأكد، وأن الطفرة التي أرادها إسماعيل، ودعا إليها جمال الدين لا تجدي شيئًا، بل ربما أعقبت خسرانًا وندمًا وأنه خير لهذه الأمة -إن أرادت القوة والعافية- أن تستكمل تعليم أبنائها، وتنزه الدين وتطهره وتعد نفسها لكي تتبوأ مكانها بين أمم العالم وتشاطرها[1].ولقد هادن محمد عبده الإنجليز، حتى يتمكن من الإصلاح المنشود، ويقول: "أما أمر الحكومة والمحكوم فتركته للقدر يقدره، وليد الله بعد ذلك تدبره، لأنني عرفت أنها ثمرة تجنيها الأمم من غراس تغرسه، وتقوم على تنميته السنين الطوال، فهذا الغراس هو الذي يجب أن نعنى به الآن"[2]، وقال عنه كرومر: "إنه كان رجلًا مستنيرًا بعيد النظر، اعترف بما لحكومة الشرق من سيئات، وسلم بضرورة المعاونة الأوربية في الإصلاح"[3].

[1] المنار ج8 ص 457، مشاهير الشرق ج1 ص 285.
[2] المنار ج 8 ص 893.
[3] Modern egypt v.2, pp. 179- 181
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست