responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 58
تغيرًا شديدًا. وأننا ازددنا ارتباطًا بأوربا وثقافاتها المختلفة، ولقد كان لكل هذا أثر في الأدب العربي بعاة وفي الشعر بخاصة.
1- لقد تأثرنا في حياتنا الخاصة، وطرق معيشتنا، ونظرتنا إلى الحياة، وما الأدب إلا انعكاس لما يشعر به الأديب في حياته، وتغيرت قيم الأشياء أمام أعيننا، وعكفنا على تقليد أوربا في كل شيء وجعلناها مثلًا أعلى في كل ما يتعلق بحياتنا المادية والمعنوية، وفي ذلك يقول الدكتور طه حسين: "حياتنا المادية أوربية خالصة في الطبقات الراقية، وهي في الطبقات الأخرى تختلف قربًا وبعدًا عن الحياة الأوربية باختلاف قدرة الأفراد والجامعات، وحظوظهم من الثروة وسعة اليد، ومعنى هذا أن المثل الأعلى للمصري في حياته المادية إنما هو المثل الأعلى للأوربي في حياته المادية، تتخذ من مرافق الحياة وأدواتها ما يتخذون، ونتخذ من زينة الحياة ومظاهرها ما يتخذون، نفعل ذلك عن علم به وتعمد له أو نفعل ذلك من غير علم، وعلى غير عمد، ولكننا ماضون فيه على كل حال، وليس في الأرض قوة تستطيع أن تردنا عن أن نستمتع بالحياة على النحو الذي يستمتع بها الأوربيون.
مدت أوربا الطرق الحديدية، وأسلاك "التلغراف والتليفون" فمددناها، وجلست أوربا إلى الموائد، واتخذت من آنية الطعام، أدواته وألوانه، فصنعنا صنيعها ثم تجاوزنا ذلك إلى ما اصطنع الأوربيون لأنفسهم من لباس، ثم تجاوزنا ذلك إلى جميع الأنحاء التي يحيا عليهم الأوربيون فاصطنعناها لأنفسنا غير متخيرين ولا مختاطين ولا مميزين بين ما يحسن منها وما لا يحسن، وما يلائم منها وما لا يلائم. ونستطيع أن نقول: إن مقياس رقي الأفراد والجامعات في الحياة المادية مهما تختلف الطبقات عندنا إنما هو حظنا من الأخذ بأساليب الحياة المادية الأوربية.
وحياتنا المعنوية على اختلاف مظاهرها وألوانها أوربية خالصة: نظام الحكم عندنا أوربي خالص، نقلناه عن أوربا نقلًا في غير تحرج ولا تردد، وإذا عبنا أنفسنا بشيء من هذه الناحية فإنما نعيبها بالإبطاء في نقل ما عند الأوربيين من نظم الحكم وأشكال الحياة السياسية"[1].

[1] مستقبل الثقافة في مصر ص 30- 32.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست