responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 479
أبا جعفر ليس فضل الفتى ... إذا راح في فضل إعجابه
ولا في فراهة بِرْذَوْنه ... ولا في نظافة أثوابه1
أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، إن المال وسيلة لا غاية، فإن أصبت منه الكفاية، فقد بلغت النهاية".
وهذا لعمري وصف خالد لهؤلاء الفتيان الذين ورثوا المال الجم عن آبائهم، فلم يعرفوا في جمعه عناء ولا رهقًا، ولم يأبهوا للمجد يشيدونه أو للفخر يحرزونه، وإنما همهم التطري والزينة وعقولهم هواء، وأفئدتهم خاوية إلا من الشر، فهم رماد تخلف عن نار ومثلهم كشجر الشلجم أحسن ما فيه ما كان تحب التراب، وكثيرًا ما نراهم حتى اليوم يباهون برطانة أعجمية، ويتنكرون للغتهم القومية، ولكنهم والحق يقال عاجزون عن الإفصاح وعن العمل، وليس في مقدورهم أن يغيروا من حالهم، يجتمعون للفساد، ويفترقون على ميعاد لا تعرف أيهم أسوأ نفسًا، يقتلون الوقت في لعب الميسر، وفي سلب أموال الفلاحين الكادحين، ولقد صورهم أحسن صورة في قوله: "خدع يخدع، وكلب يتبع، وعطر ينفح، وفرس يضبح" هذا هو كل ما يشغلهم في الحياة، فقد ظل عالة على المجتمع، ومن الأسف أنه على الرغم من تقدم الأمة خطوات واسعة في سبيل المساواة الاجتماعية بانتشار التعليم، وبتغير الأفكار، ووجود الأنظمة الديمقراطية، فقد ظل نفر كبير من أبناء الخاصة لا يدركون خطورة حالهم، وأنهم يفتنون الفقراء باستهتارهم، يستمطرون على أنفسهم اللعنات بتبذلهم وقحتهم وتبذيرهم المال في غير ما شرع له إلى أن قضت عليهم الثورة.
ثم أرأيت هذه النظرة السامية "المال وسيلة لا غاية فإن أصبت منه الكفاية فقد بلغت النهاية"، ولكن أنى لهؤلاء أن يدركوا هذه الحقيقة، إنهم ينعمون، ويدعون سواهم من أفراد الشعب يتصورون من الجوع، ويموتون من الألم والمرض.

1 البرذون: البغل.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 479
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست