responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 476
يرزح تحتهما الشعب المصري المسكين، وعلى ثورة نفسية على الوضاع السيئة في المجتمع المصري، ومالي أتكلم عن البكري وقد أبدع أيما إبداع فلأدعك وإياه. قال: "كتابي إلى السيد أيده الله وكلأه ورعاه، وأنال على بقري السواد، وريف البلاد، بعيد عن المدينة، وما فيها من الشينة والزينة، في عزلة عن الناس، بين سقى وغراس، سليم الجسم من السقم، والنفس من الألم، والحمية من الأنام كالحمية من الطعام، شفاء من كل داء، وخليق بمن أرطم، في المزدحم، أن يصاب ببعض الأوصاب".
وهذا لعمر الحق قول سديد، ورأى رشيد في العزلة، يدل على تبرم بالمجتمع، وهو فلسفة من يريد العافية بالعزلة.
ويقول واصفًا الريف: "ياما أحيلي الوحدة والريف، وذلك المشتى والمصيف، والجو السجسج[1] والظل الوريف. فجر يلوح في الأفق، كالنور في الأعين الزرق، وضياء، ينبثق في الفضاء كما ينبثق الماء، وشمس تبدو للإشراق في الآفاق كبودقة فيها ذهب، أو قنبلة ترمى باللهب، فيرتفع جرس كل حيوان كممنون في الأوثان2"، ويقول في وصف النواعير: "ونواعير كأنها عشاق بعد فراق، لم يبق فيها غير ضلوع، وأنين ودموع، قد أوشم[3] النبت حولها وطر، واستدار الحدج واخضر" وبعد أن وصف الريف وما فيه من ماشية وزروع، وأنهار وغدران، وما فيه من حر لافح في الصيف، وبرد قارس في الشتاء وما فيه من طعام مليء بالخيرات والدسم، إلخ ذكر أنه في عزلته هذه لا يصحب إلا العلماء والأدباء ذوي الألباب والأفهام منهم: أبو تمام، والحارث بن همام، وعروة بن الورد، وطرفة بن العبد، والمعري، ويقول:
ذريني وكتبي والرياض ووحدتي ... أظل كوحشي بإحدى الأمالس4
يسوف أزهار الربيع تعلة ... ويأمن من البيداء شر المجالس5

[1] السجسج: الوقت الذي لا حر فيها ولا قر، وهو بين طلوع الشمس وطلوع الفجر، والوريف: المتسع الممتد.
2 ممنون: تمثال لبعض آلهة المصريين القدماء بجوار مدينة طيبة، وكان إذا أشرقت الشمس صاح صيحة واحدة، وربما كان ذلك حيلة من الكهنة.
[3] أوشم: أبتدأ يلون. وطر: ظهر.
4 الأمالس: جمع أملس وهي الفلاة ليس بها نبات.
5 يسوف: يشتم.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 476
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست