responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 259
المتأخرين في الحكم على الشعر حتى صار الشعر كله عبثًا لا طائل تحته. فإذا تغزلوا جعلوا حبيبهم مصنوعًا من قمر وغصن وتل وعين من عيون البقر ولؤلؤ وبرد وعنب ونرجس ... إلخ، ومثل ذلك قول الوأواء الدمشقي:
فأمطرت لؤلؤًا من نرجس وسقت ... وردًا وعضت على العناب بالبرد
ويقول كذلك مفصلًا الكلام على التشبيهات التي ولع بها المتأخرون: "ومثل الشاعرالذي يرمى بالتشبيهات على صحيفته من غير حساب، مثل الرسام الذي تغره مظاهر الألوان فيملأ بها رسمه من غير حساب"، التشبيه عنده لا يقصد لذاته، وليس هو عقد صلة بين محسوس أو بين معنوي ومحسوس"، فوصف الأشياء ليس بشعر إذا لم يقترن بعواطف الإنسان وخواطره وذكرياته وأمانيه وصلات نفسه، والتشبيه لا يراد لذاته، وإنما يراد لشرح عاطفة أو توضيح حالة أو بيان حقيقة، وأجل الشعر عنده ما خلا من التشبيهات البعيدة والمغالطات المنطقية.
وهو بهذا يريد أن يجعل التشبيه وسيلة لحمل أثر المشبه في نفسه أو الإيحاء بهذا الأثر فالتشبيه إذا لم يقرن بالعاطفة أو لم يكن وسيلة لنقلها فلا فائدة منه ولا جدوى فيه.
وقد ضرب مثلين على الشعر الجيد الذي وصف حالة مشبعة بالعاطفة فكان أثره في النفس رائعًا أولهما في الرثاء قول مويلك يرثي امرأته وقد خلفت له بنتًا صغيرة فوصف حالة هذه البنية بعد وفاة أمها:
فلقد تركت صغيرة مرحومة ... لم تدر ما جزعًا عليك فتجزع
فقدت شمائل من لزامك حلوة ... فتبيت تسهر أهلها وتفجع
وإذا سمعت أنينها في ليلها ... طفقت عليك شئون عيني تدمع
فهو لم يعلمك شيئًا جديدًا لم تكن تعرفه، ولم يبهر خيالك بالتشبيهات الفاسدة والمغالطات المعنوية، ولكنه ذكر حقيقة، ومهارته في تخيل هذه الحالة ووصفها بدقة ومن أمثال هذا في الغزل قول ابن الدمينة في وصف حياء الحبيب.

نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست