responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 248
ومن العجيب أن بعض أدبائنا في مستهل هذا القرن حاولوا أن يتنكروا لعروبة مصر وإسلاميتها، وأن يدفعوها إلى الوراء قرونًا حتى تتعلق بأذيال الفرعونية متلمسين أسبابًا واهية لذلك من مثل ما ضربه هيكل من عادات الزواج وحفلات الجنازة وتنظيم الأولياء، مع أن هذه أمور استقرت في مصر منذ العهد الإسلامي، وهي طبيعية في كل الأمم: فلطم الخدود وشق الجيوب، وصبغ الوجوه بالسواد، وخروج النساء وراء الميت، عادت عرفها عرب الجاهلية، ونهى عنها الإسلام وهي ظاهرة تلفت النظر لدى الشعوب البدائية، أما زف العروس، ودق الطبول، وإطلاق الزغاريد وراء العروس فمما يمارسه الناس في كل أمة ولسنا نجد فيه بدعًا. وأما تعظيم الأولياء فقد كان للفاطميين أثر عظيم في تمكينه بنفوس المصريين، ومعظم أولياء مصر من آل البيت، وكما يوجد كذلك في كل بلد اعتنقت المذهب الشيعي مثل هذه الأضرحة كبلاد إيران وبعض نواحي العراق والمغرب.
وإن من التكلف والتعسف أن نرجع بعادات المصريين وتقاليدهم إلى قدماء المصريين، وقد عفى البطالسة والرومان في سنوات طويلة على آثار هذه التقاليد الوثنية، ولا سيما بعد أن دخلت مصر المسيحية على يد الرومان، ولما جاء العرب لم يجدوا للغة الفرعونية ولا للتقاليد الفرعونية أثرًا في حياة المصريين، أجل! إن هناك بعض رواسب فرعونية ممثلة في قليل من الألعاب التي يمارسها أطفال المصريين في الريف ككرة اليد وكرة المضرب وغيرهما، ولكن هذا لا يجعل مصر الحديثة أقرب إلى مصر الفرعونية منها إلى مصر الإسلامية كما يدعي هيكل.
والأغرب من هذا أن يدعي الدكتور طه حسين في كتابه مستقبل التعليم في مصر أن مصر أقرب إلى اليونان منها إلى العرب والمسلمين، ولعل السبب في هذه النزعات هو حب التظاهر بالتجديد، والخروج على المألوف، أو التأثر بالحملات الاستعمارية على الإسلام وبحسبك أن هؤلاء الذين أنكروا يومًا عروبة مصر وإسلاميتها صاروا اليوم من أكبر الدعاة لهذه العروبة ومن أشد المدافعين عنها، وبحسبك كذلك أن هؤلاء الذين تهجموا على الدين الإسلامي في مستهل حياتهم الأدبية حتى تشتهر أسماؤهم ويلهج بها الناسلم ينالوا جوائز الدولة إلا

نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 248
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست