responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 243
بلادهم ولا سيما هؤلاء الذين هاجروا إلى أمريكا الشمالية وعلى رأسهم جبران، ونعيمة، وعريضة؛ لقد كان ذلك أشبه برد فعل للكبت الشديد الذي عانوه في بلادهم، وللحرمان المزري الذي دفعهم إلى ترك الوطن الحبيب، ولقد عبر الشاعر القروي سليم الخوري عن الدوافع التي حفزته إلى الهجرة بقوله وهو يودع قريته بلبنان قبل الرحيل عنها:
أبيت جوارها أرضًا ... بغير الذل لا ترضى
بلاد خسفها أمسى ... على أبنائها فرضًا
أحس يد الرجاء فلا ... أحس لقلبه نبضًا
إنه لم يهاجر حتى يئس ولم يجد بارقة من أمل أو رجاء تحبب إليه الإقامة. ولقد تفاوتوا في تحررهم وثورتهم على تقاليد الأدب العربي القديم وعلى اللغة فكان المهاجرون في أمريكا الشمالية أشد ثورة من سواهم ولا سيما أبناء الرابطة القلمية التي أسست في نيويورك سنة 1920 وعلى رأسهم جبران، ونعيمة، وعريضة، وأبو ماضي ورشيد أيوب ممن تأثروا إلى حد ما بالأدب الغربي ولا سيما بالأدب الرومانتيكي الذي يعزز النزعة الفردية، والتعبير عن الذات وخلجات النفس في يأسها ورجائها وحزنها وفرحها، وصحتها ومرضها، وفقرها وغناها، وآمالها وآلامها: فنزعوا إلى الشعر الوجداني الذاتي، وكرهوا الأدب التقليدي الذي لا يصدر عن شعور وإحساس، واشتدت حملتهم عليه كما رأيت في كلام جبران.
كما أن شعورهم بالعزلة في هذه المدن الصناعية الكبرى التي يتطاحن فيها البشر ويتصارعون على المادة، ولا يجد فيها الغريب إلا الوحشة والضيق جعلتهم يعكفون على أنفسهم ويكثرون من تأملاتهم.
استمع إلى إيليا أبي ماضي يصور هذه الحيرة التي يعانيها المغتربون في زحمة الحياة الأمريكية:
نحن في الأرض تائهون كأنا ... قوم موسى في الليلة الظلماء
ضعفاء محقرون كأنا ... من ظلام والناس من لألاء
واغتراب القوى عز وفخر ... واغتراب الضعيف بدء الفناء

نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست