responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 235
المئات والألوف والملايين تحصد حصدًا، والمدن تدمر تدميرًا، فصارت لا تؤمن بالمثل العليا، والقيم الأخلاقية، ولا يبقى على شيء من الفضائل، إذ لا فائدة من هذا كله والحرب تحطم كل شيء فالأولى لهذه البشرية أن تقبل عن اللذات بنهم، وتتزود منها ما استطاعت قبل أن تذهب إلى جحيم الحرب، وأخذ الأدباء -للأسف- في أوربا يتملقون تلك النزعات، ويغذونها بأدب رخيص كله شهوة عارمة، ولذة تافهة.
تأثير بعض نقادنا بكبار الأباء الأوربيين الذين لم يشاهدوا تلك الحركات الهداية لمعنويات البشرية وحضارتها، ورجعوا يدعون قومهم إلى أن يجددوا في أدبهم، وأن يجعلوه ممثلًا لعصرهم وبيئتهم والحضارة التي يتقلبون في أحضانها. دعوا إلى الثورة في الأدب شعرًا ونثرًا، والذي يعنينا الآن هو الشعر، فلم تكن الثورة على الغرض وحده كما رأيت عند محمد فريد، ولكن الثورة كانت على لغته، وعلى أسلوبه، وعلى معانيه، وعلى أغراضه، وأن نقتفي في شعرنا آثار الشعر الغربي في كل هذا.
وقد حاول الشيخ نجيب الحداد[1] أن يوازن بين الشعرالعربي والغرب في اللفظ، والقافية، والمعنى، وليضع أمام المجددين حقائق عن الشعر الغربي يسيرون على هديها وبين أن وزن الشعر عندنا يختلف عن وزنه عندهم، فالشعر العربي يعتمد على التفاعيل، والشعر الغربي يعتمد على "الأهجية اللفظية" وهي كل نبرة صوتية تعتمد على حرف من حروف المد، سواء كل ذلك الحرف وحده، أو مقترنًا بحرف صحيح، ويسمون هذه الأهجية "أقدامًا" وأطو لها ما تركب من اثني عشر هجاء، وأقصرها من هجاء واحد، ويجوز للشاعر أن ينظم القطعة بحيث يكون أول أبياتها اثني عشر هجاء واحد، وينزل بها تدريجًا إلى هجاء واحد، كالحال في بعض الموشحات، وثمة فرق آخر وهو أنهم يصلون بين البيتين في المعنى واللفظ، وقد كان هذا عيبًا عند العرب، ولقد عابوا النابغة الذبياني لقوله:

[1] أديب سوري استوطن مصر منذ طفولته، ولد سنة 1867، وهاجر إلى مصر مع أهله سنة 1873، وتعلم في الفرير؛ ثم عاد إلى بيروت وتخرج على خاليه إبراهيم وخليل اليازجي واشتغل بالصحافة والأدب فكان محررًا بالأهرام، ثم تحولت أسبوعية واشتهر بالتعريب، وتأليف الروايات، وهو شاعر عصري مجدد ممتاز، ومن رواياته المترجمة "غصن البان"، ورواية "الفرسان الثلاثة" توفي سنة 1899، وقد طبع ديوانه مرتين.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 235
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست