responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 228
نشوان خمرته وأسير رايته ويريه الأشياء أضعافًا مضاعفة، ويصورها بألوان ساطعة وحلى مؤثرة تفوق الحقائق، وربما أزرت بها، وصرفت النفس عن النظر إليها، فهو أحيانًا أحسن من الحسن وأجمل من الجمال، وأشجع من الشجاعة، وأعف من العفاف، وإن الظبي في قصيدة غير الظبي في فلاة، بل غير الظبي في ملاءة، وإن الأسد في منظومه غير الأسد في مفازة، وذلك حيث كان الشعر كلامًا يلقى بلسان الإحساس، ونطقًا ينزل عن وحي المخيلة، وأوصافًا يفضي بها الشوق، وإنما كانت المبالغة زيادة على الحقيقة لتمكن السامع من الوصول إلى مقدار الحق، والحرص على ألا ينقطع منه قسم على طريق الإلقاء، وفي أثناء الانتقال، فكأن هذه الزيادة جعلت لتملأ الفراغ الواقع بين المدرك والمدرك حتى لا يصل إلى الذهن إلا كاملًا بكل قوته، ولا يحل في العقل إلا بجميع حاشيته[1].
ومع أن هذا التعريف وصل إلى درجة كبيرة في فهم حقيقة الشعر وشروطه التي تهيئ له الصحة والجودة، إلا أنه سار في الإطار الذي وضعه العرب للشعر الغنائي مع نظرة جديدة أطلت على الشعر الغربي من بعيد.
وهاك رأيًّا لأتديب ذواقة، اشتهر بالنثر والشعر معًا، وإن كان قد احتل في النثر الحديث منزلة الرائد إلى أسلوب جديد، وهو وإن لم ينل حظًا من الثقافات الأجنبية بيد أنه لسلامة طبعه وأصالة ذوقه، ورقة حسه، وكثرة إطلاعه على ما ترجم استطاع أن يقرب إلى حد كبير من التعريف الصحيح للشعر، ذلك هو المنفلوطي.
فهو يرى أولًا أن الشعر فمن من الفنون الجميلة يجب أن يأتي وليد الطبع والشعور[2]: "وهل الشعر إلا نثارة من الدر وينظمها الناظم إن شاء شعرًا. وينثرها الناثر إن شاء نثرًا أو نغمة من نغمات الموسيقى يسمعها السامع مرة من أفواه البلابل والحمائم، وأخرى من أوتار العيدان والمزاهر، أو عالم من عوالم الخيال يطير بقادمتين من عروض وقافية، أو خافيتين من فقر وأسجاع".
ويجهر المنفلوطي برأي جديد في الوزن والقافية وأنهما لا يمتان إلى جوهر الشعر إلا بمقدار ما ينتمي الصبغ واللوم إلى النسيج، وأن الغناء والحداء هو الذي أوحى بهما أول الأمر ولكن:

[1] مختارات المنفلوطي من ص121- 224.
[2] المصدر السابق ص51.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست