responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 203
فكم صانوا كرامة ذي إباء ... وكم صاغوا لبائسة حجابا
وكم مدوا لذي الحاجات راحًا ... تسابق في تكرمها السحابا
وأما قصيدة الغلاء، فقد قالها بعد أن فتكت الحرب بما اختزن الناس وما بقي في مصر من خيرات أربع سنوات كاملة، وكان أشد الناس أَلَمًا من الغلاء هم موظفو الحكومة.
فوا رحمنا لابن الحكومة قوسه ... قلوع وهل يجرى سداد قلوع1
ومن حوله غرثى، عيال ونسوة ... طواها الطوى في ذلة وخضوع2
تقلب في جوع وعرى يؤودها ... وحسبك من عرى يؤود وجوع3
غلا كل شيء من مرافق عيشها ... على ربها من مُسْلَم ومبيع
وهذا شعور من اكتوى بنار الغلاء، عجزت موارده وقصرت يده عن تحقيق رغباته ورغبات أسرته الضرورية، فهو يصف حالة عاناها، وآلامًا قاساها، وقد كان موظفًا عفيفًا محدود الدخل، فهو وحافظ إبراهيم صادقان، وصدرا في وصف الغلاء عن شعور صحيح، أما إسماعيل صبري، أو شوقي، أو مطران، فلم يحسوا بعوز أو ضيق من خلال الحرب الأولى، ولذلك لم يخطر لهم ببال وصف الغلاء، وما فعله بالناس.
ولأحمد محرم أكثر من قصيدة في مشكلة الفقر والغنى، وهو قوي في شعوره، غني في تصويره، جريء في تعبيره، مما يدل على شدة انفعال، وفرط حساسية، استمع إليه يصف هذا البؤس في أحد مناظره:
رأيت الهول ينبعث ارتجالًا ... فتنصدع القلوب له بديها
رأيت البؤس يركض في جلود ... بجانبها النعيم ويحتميها
رأيت بيوت ساغبة تلوَّى ... كأمثال الأراقم ملء فيها
تريد طعامها والبيت مُقْو ... فتوشك أن تميل على بنيها
أنيلونا الديات ولا تكونوا ... كمن يردى النفوس ولا يديها

1 قوس قلوع: تنقلت حين النزع فتقلب.
2 غرثى: جياع.
3 يؤودها: يبلغ منها الجهد والمشقة.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست