نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 2 صفحه : 144
ويقول حين اعتدى الجنود الإنجليز على قرية العزيزية[1] ومثلوا بأهلها تمثيلًا شنيعًا وساقوهم رجالًا ونساء إلى العراء، وأضرموا النار في القرية وعبثوا بشرف النساء، وقتلوا كثيرًا من الرجال:
يا مصر ما بال الأسى لك حالا ... لو أن مفجوعًا يرد سؤالًا
ما عهد ولسن أين ولسن؟ وهل درى ... أنا بمصر نكابد الأهوالا؟
أمن العدالة عنده أن يبتلى ... شعب يريد بأرضه استقلالا؟
ما بال أبناء الحضارة أوغلوا ... في أرض مصر نكاية ونكالا
إلى أن يقول واصفًا تلك البشائع:
ما لي أقلب ناظري فلا أرى ... في مصر غير نوادب وثكالى
ودم يعز على أبيه مسيله ... عبثت به أيد هناك فسالا
وعزيز قوم في الحديد مصفد ... سيم الهوان وحمل الأثقالا
يسعى إلى دار الإسار وحوله ... نذر المنايا بندقًا ونصالًا
ولرب وجه بالجمال عرفته ... لم تبق فيه الحادثات جمالًا
تلك العقائل يرتمين مع الظبا ... مستقبلات للردى استقبالا
وأرى ابن "لندن" نحوهن مصوبًا ... بيض الظبا متوثبًا مختالًا
وارحمتاه لقرية مفجوعة ... والليل يرخي فوقها أسدالًا
محزونة خبأ القصاء لأهلها ... تحت الظلال وقعية ونكالا
من غادة غال البغاء عفافها ... فكبى الحجاب عفافها المغتالا
وهي قصيدة طويلة تصور أبياتها في إتقان بارع، وعبارات تثير العبرة، وتجلب الشجن هذه الحوادث المفجعة وتصرخ بالظلم، وتنطق بآيات الوطنية، وتحض على الثورة في جراءة وصراحة حتى ينكشف هذا الكابوس، وينجلي ذلك البلاء. [1] انقض نحو مائتي جندي بريطاني في يوم 25 من مارس سنة 1919 على بلدتي بالعزيزية والبدرشين، وطلبوا من الأهالي جميعًا نزع أسلحتهم وأضرموا النار بعد ذلك في القريتين، واعتدوا على عفاف النساء وقتلوا كثيرًا من الأهالي -راجع ثورة 1919 لعبد الرحمن الرافعي ص 194 وما بعدها.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 2 صفحه : 144