responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 100
مصر يسلبها أعز ما تصبو إليه الأمم وهو نعمة الاستقلال، وحرية التصرف، والسير في سبيل الرقي، ويسلبها في الوقت نفسه ثروتها، ويدفعها إلى ظلمات الجهل، أو إلى علم ضحل أحسن منه الجهل.
وقد ظن الإنجليز منذ وطئت أقدامهم أرض مصر في سنة 1882 أن الشعور الوطني قد خمدت جذوته، وزالت حدته، وضعفت شِرَّته، وأن المصريين قد استناموا لعدلهم المكذوب، أو لحكمهم المرهوب، ولكن راعهم صوت مصطفى كامل المدوي، الممتلئ قوة وفتوة وعزيمة، ونزاهة قلب وضمير ويد ولسان كأنه الشعلة المتقدة ترفعها يد الحق عالية تبدد ظلمات الجور والعسف والذلة والانحلال، فاستجابت القلوب لضوئها، وسارت في هديها، ولبى نداءه كل وطني غيور كان يكبت شعوره، وسارت أغلبية الأمة من خلفه ففزعت إنجلترا، وارتاعت لهذه الوطنية، وخشيت أن تجتاحها من مصر وأن تغرق الأرض تحت قدميها أو تفوض دعائم الاحتلال الذي شيدته في ما يقرب من عشرين عامًا، ويصير رمادًا لا أثر له.
وكان الخديو عباس الثاني يشجع مصطفى كامل أول الأمر ويؤيده في جميع مجهوده، ويمده بالمال، لينفق على دعايته ضد الإنجليز[1]، ويتمكن من السفر إلى فرنسا؛ لأنها كانت تناصره، ووجد فيها أصدقاء من رجال الصحافة والسياسة يشدون أزره، وينشرون كلماته الملتهبة، ويبصرون الرأي العام الأوربي بمساوئ الاحتلال في مصر. بيد أن عباسًا قد رأى أنه لا يستطيع مسايرة الحركة الوطنية ولا سيما بعد أن اتفقت فرنسا وإنجلترا سنة 1904 فأخذ يهادن الاحتلال، وعلم أن لا سبيل لمعاداته، وأن مصالحه الكثيرة تتعطل بسبب هذه العداوة، وحينئذ رأى مصطفى كامل أن يستقل بحركته، وأن يقطع صلته بالخديو وفي هذا يقول: "ولما رأيت رغبة سموه في توطيد الصلات الحسنة بينه وبين ملك الإنجليز وحكومته، وجدت من واجباتي أن أكون بعيدًا عن سموه"[2]، وقال في مناسبة أخرى: "قد قلنا مرارًا إن سمو الأمير بعيد عن الحركة الوطنية، وأن

[1] تاريخ الإمام الشيخ محمد عبده ج1 ص592، مصطفى كامل لعبد الرحمن الرافعي ط ثانية ص336.
[2] اللواء عدد 26 من ديسمبر سنة 1906.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 100
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست