نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 102
استعداد لتحقيق ذاتياتهم، وإنه كانت لدى القراء رغبة للهرب من الحاضر إلى ذكريات الماضي، وخاصة بين الكبار الذين منعتهم شيخوختهم من الاشتراك في الحرب [1] . ويقودنا هذا إلى التساؤل، لنعرف متى يكتب الكاتب سيرته الذاتية، فتعيين هذا قد يساعدنا على فهم الغايات التي تكتب السير الذاتية من أجلها.
ونستطيع أن نقول في الجواب على هذا السؤال إن كل سيرة فإنما هي تجربة ذاتية لفرد من الأفراد، فإذا بلغت هذه التجربة دور النضج، وأصبحت في نفس صاحبها نوعاً من القلق الفني، فإنه لابد أن يكتبها. والناس مهما يطل عليهم الأبد وتختلف أحوالهم هم أحد رجلين: رجل وصل إلى حيث يؤمل وانتصر على الحياة وصعابها، وأحسن التخلص من ورطاتها وشعابها، ورجل كافح حتى جرحته الأشواك وأدركه الإخفاق. وكلا العاملين، أعني الوصول والخيبة، يبلغان بالتجربة حد النضج على شرط واحد: هو اكتمال التصور لأطراف هذه التجربة ورؤيتها عند التطلع إلى الماضي، على أساس من نظرة ذاتية خاصة، ولولا هذا الشرط لكان كل إنسان قادراً على أن يكتب سيرة حياته. وإنك لتستمع إلى أشخاص يقصون عليك قصصاً من أحداث حياتهم، يمتعك سماعها ويبعث فيك شيئاً من النشوة، ولكنهم يعجزون عن أن يكتبوها سيرة كاملة، لأنهم يعجزون عن أن يروا مكانهم من الحياة، ولا يرى الإنسان مكانه بوضوح إلا [1] Prose Lit. Since 1939.
نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 102