البيان والتبيين جانبًا من هذه اللغة المولدة واللهجات التي كانت تنطق بها، كما كشف ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان عن جانب من ذلك.
هذا مما جعل العربية تصاب على ألسنة الأعاجم باللثغة واللكنة والعجمة والإغلاق وعدم الإبانة، وخشي العرب على لغتهم من طول مخالطة السامع للعجم وسماعه للفاسد من الكلام، وأخذوا يعملون جاهدين على تنقية اللغة والحفاظ على أصواتها وصونها من اللحن ومن تعسر النطق السليم بها.
ولم يقف القدماء صامتين أمام هذه الظاهرة، ولكن كانوا أشد حرصًا على تنقية اللغة، والجهود التي بذلوها جهودًا توضح مدى الحرص على إعادة النطق السليم للعربية، وللذين يقرءون القرآن الكريم.
فلقد وضعوا في ذلك كتبًا هي مراجع للدارسين في هذا الميدان، فأبو الفتح بن جني يقول في مقدمة كتابه سر صناعة الإعراب:....أن أضع كتابًا يشتمل على جميع أحكام حروف المعجم وأحوال كل حرف منها، وكيفية مواقعه في كلام العربية،.... وأذكر أحوال هذه الحروف في مخارجها ومدارجها وانقسام أصنافها وأحكام مجهورها ومهموسها وشديدها ورخوها وصحيحها ومعتلها.... [1].
ومن يتصفح كتب القدماء فسيرى جهودًا لا تعرف الملل في سبيل ألا تنحرف أصوات العربية نتيجة لتأثرها باللغات الأخرى.
وكانت هذه الدراسة حدثًا بارزًا في تاريخ العربية حين وضعوا [1] سر صناعة الإعراب.