ثقة بأنّ ازديادك من معرفة الناس ستردّك إليّ؛ فإن رجعت قبلت وتمسّكت واغتبطت، وإن أصررت لم أتبع مولّيا، ولم آس «1» على مدبر، ولم أسامح نفسي على تعلّقها بك، ولم أساعدها على نزاعها إليك. فكم من زمان تركتك فيه وسومك «2» ثم أبى قلبي ذلك، فكررت وعطفت أسى على أيّامي معك وما توكّد بيني وبينك. وما من كرّة لي إليك إلا وهي داعية إلى ما أكرهه من استخفافك ونفورك. ولو فهمت ما استحققت به عليك ما أشكوه لخفّ محمل ما يكون منك عليّ ولأجبت في عتباك ورضاك.
وفي جواب كتاب: وقد وزعني «3» ما ضربته لي من الأمثال في كتابك عن استبطائك. على أنّي لا أستزيد إلا من أحتاج إلى صلاحه وأرغب في بقيّته؛ وقد قيل: [سريع]
يأبين إلّا جفوة وظلما ... من كثرة الوصل تجنّى الجرما «4»
وفي كلّ ما أجبتني ظلمت في معارضتي عن مسخي جوابك بإيحاشي «5» ، وفي اعتدادك عليّ بما أنت جانيه وعليك الحجة فيه. وما أنكر الخلاف بين الأب وابنه والأخ وشقيقه إذا وقعت المعاملة، ولذلك سبب لا أعرفه بيني وبينك قطّ، فإني لم أخالفك ولم أشاححك «6» ولم أنازعك ولم أعارض نعمك بلا ولا أمرك بنهي.