مرض أبو عمرو بن العلاء «1» مرضة، فأتاه أصحابه وأبطأ عنده رجل منهم؛ فقال: ما يبطىء بك؟ قال: أريد أن أساهرك؛ قال: أنت معافى وأنا مبتلى، فالعافية لا تدعك تسهر والمرض لا يدعني أنام، فاسأل الله أن يسوق إلى أهل العافية الشكر، وإلى أهل البلاء الصبر والأجر.
حدّثني عبد الرحمن عن الأصمعيّ قال: اشتكى رجل من الأعراب، فجعل الناس يدخلون عليه فيقولون: كيف أصبحت وكيف كنت؟ فلما أكثروا عليه قال: كما قلت لصاحبك.
قال: وقع رجل من أهل المدينة فوثئت «2» رجلاه، فجعل الناس يدخلون عليه ويسألونه، فلما أكثروا عليه وأضجر كتب قصّته في رقعة، فكان إذا دخل عليه عائد وسأله دفع إليه الرقعة.
الهيثم بن عديّ قال: كان رجل من أهل السّواد محدودا «3» لا يقصد في شيء إلا انصرف عنه، فغاب مرّة فأطال، فلما قدم أتاه الناس فجعلوا يسألونه عن حاله وما كان فيه، وكان فيه برم «4» ، فأخذ رقعة فكتب فيها: [متقارب]
وما زلت أقطع عرض الفلاة ... من المشرقين إلى المغربين
وأطوي الفيافي أرضا فأرضا ... وأستمطر الجدي والفرقدين «5»
وأطوي وأنشر ثوب الهموم ... إلى أن رجعت بخفّي حنين «6»