الزانية؛ فبينما نحن كذلك إذ هجم علينا شياطين أربعة: أحدهم قد علّق في عنقه جعبة فارسية مشنّجة «1» الطرفين دقيقة الوسط قد شبحت «2» بالخيوط شبحا منكرا، وقد ألبست قطعة فرو كأنهم يخافون عليها القرّ. ثم بدر الثاني فاستخرج من كمّه هنة سوداء كفيشلة الحمار فوضع طرفها في فيه فضرط فيها فاستتمّ بها أمرهم، ثم حسب «3» على حجرة فيها فاستخرج منها صوتا ملائما مشاكلا بعضه بعضا كأنه- علم الله- ينطق. ثم بدر الثالث عليه قميص وسخ وقد غرق شعره بالدّهن ومعه مرآتان فجعل يمري «4» إحداهما على الأخرى مريا. ثم بدر الرابع عليه قميص قصير وسراويل قصير وخفّان أجذمان «5» لا ساقين لهما، فجعل يقفز كأنه يثب على ظهور العقارب، ثم التبط بالأرض، فقلت: معتوه وربّ الكعبة! ثم ما برح مكانه حتى كان أغبط «6» القوم عندي، ورأيت الناس يحذوفونه بالدارهم حذفا منكرا. ثم أرسلت إلينا النساء أن أمتعونا من لهوكم، فبعثوا بهم إليهن. وبقيت الأصوات تدور في آذاننا. وكان معنا في البيت شابّ لا آبه له، فعلت الأصوات له بالدعاء، فخرج فجاء بخشبة عينها في صدرها فيها خويطات أربعة، فاستخرج من جنبها عودا فوضعه على أذنه، ثم زمّ الخيوط الظاهرة، فلما أحكمها وعرك آذانها حرّكها بمجسّة «7» في يده، فنطقت وربّ الكعبة! وإذا هي أحسن قينة «8» رأيتها قطّ وغنّى عليها