قالوا: فهل لك في السّويق؟ قال: نعم؛ فأتوه بجراب ضخّم مملوء؛ فقال:
هل عندكم نبيذ؟ قالوا: نعم؛ قال: أعندكم تور «1» تغتسلون فيه من الجنابة؟
فأتي به فغسله وصبّ السّويق وصبّ عليه النبيذ، فما زال يفعل ذلك حتى فني.
الشّمردلّ وكيل آل عمرو بن العاص قال: قدم سليمان بن عبد الملك الطائف وقد عرفت شجاعته، فدخل هو وعمر بن عبد العزيز وأيوب ابنه بستانا لعمرو؛ قال: فجال في البستان ساعة ثم قال: ناهيك بمالكم هذا مالا لولا جرار فيه! فقلت: يا أمير المؤمنين، إنها ليست بجرار ولكنها جرب الزّبيب؛ فجاء حتى ألقى صدره على غصن، ثم قال: ويلك يا شمردل! أما عندك شيء تطعمني؟ قلت: بلى والله! إن عندي لجديا تغدو عليه بقرة وتروح أخرى؛ قال: اعجل به؛ فأتيته به كأنه عكّة «2» ، وتشمّر فأكل ولم يدع ابنه ولا عمر حتى أبقى فخذا. فقال: يا أبا حفص هلمّ؛ قال: إنّي صائم؛ ثم قال: ويلك يا شمردل! أما عندك شيء؟ فقلت: بلى والله! دجاجات ست كأنهنّ رئلان «3» النّعام، فأتيته بهنّ، فكان يأخذ رجل الدجاجة حتى يعري عظمها ثم يلقيها بفيه «4» حتى أتى عليهنّ. ثم قال: ويلك! أما عندك شيء؟ فقلت: بلى والله! إن عندي لحريرة كقراضة الذّهب «5» ، فقال: اعجل بها؛ فأتيته بعسّ «6» يغيب فيه الرأس، فجعل يتلقّمها «7» بيده ويشرب، فلما فرغ تجشّأ كأنه صاح في