الأصمعيّ قال: بلغني أنّ أقواما لبسوا المطارف «1» العتاق، والعمائم الرّقاق؛ وأوسعوا دورهم، وضيقّوا قبورهم؛ وأسمنوا دوابّهم، وهزّلوا دينهم؛ طعام أحدهم غصب، وخادمه سخرة، يتّكىء على شماله، ويأكل من غير ماله؛ حتى إذا أدركته الكظّة قال: يا جارية هاتي حاطوما «2» ؛ ويلك! وهل تحطم إلا دينك! أين مساكينك! أين يتاماك! أين ما أمرك الله به! أين أين!.
قال بعض الحكماء: مدار صلاح الأمور في أربع: الطعام لا يؤكل إلّا على شهوة، والمرأة لا تنظر إلا إلى زوجها، والملك لا يصلحه إلا الطاعة، والرعيّة لا يصلحها إلا العدل.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول صلّى الله عليه وسلّم: «من أكل من سقط المائدة عاش في سعة وعوفي في ولده وولد ولده من الحمق» .
وقيل لأعرابيّ: أتحسن أن تأكل الرأى؟ قال: نعم، أبخص عينيه «3» ، وأسحي «4» ، خدّيه، وأفكّ لحييه، وأرمي بالدماغ إلى من هو أحوج منّي إليه.
وكانوا يكرهون أكل الدماغ؛ ولذلك يقول قائلهم: أنا من قبيلة تبقى المخّ في الجماجم.
دعبل قال: يا بنيّ، لا تأكل ألية الشاة لأنها طبق الاست وقريب من الجواعر «5» .
قال بعض الشعراء: [طويل]
إذا لم أرى إلّا لآكل أكلة ... فلا رفعت يمنى يديّ طعامي
فما أكلة إن نلتها بغنيمة ... ولا جوعة إن جعتها بغرام «6»