أي بنيّ، لم صار الضبّ أطول شيء ذماء «1» إلّا لأنّه يتبلّغ بالنسيم؛ ولما قال الرسول صلّى الله عليه وسلم «إنّ الصوم وجاء» «2» إلّا ليجعله حجازا «3» دون الشهوات. افهم تأديب الله، فإنه لم يقصد به إلّا إلى مثلك.
أي بني، قد بلغت تسعين عاما نغض «4» لي سنّ، ولا انتشر «5» لي عصب ولا عرفت ذنين أنف «6» ، ولا سيلان عين، ولا سلس «7» بول؛ ما لذلك علّة إلّا التخفيف من الزاد. فإن كنت تحبّ الحياة فهذه سبيل الحياة، وإن كنت تريد الموت فار يبعد الله إلّا من ظلم نفسه.
وقال أبو نهشل «8» : كانت لي ابنة تجلس معي على المائدة فتبرز كفّا كأنها طلعة «9» ، في ذراع كأنه جمّارة «10» ، فلا تقع عينها على أكلة نفيسة. إلّا خصّصتني بها، فزوّجتها وصرت أجلس معي على المائدة ابنا لي فيبرز كفّا كأنها كرنافة «11» ، في ذراع كأنه كربة «12» ، فو الله ما إن تسبق عيني إلى لقمة طيّبة إلّا سبقت يده إليها.
وقال بعضهم: غلبت بطنتي فطنتي.