المنصور فقال: يا أمير المؤمنين نغض فمي «1» وأنتم أهل بيت بركة، فلو أذنت لي فقبّلت رأسك لعل الله يشدّد لي منه! فقال أبو جعفر: اختر منها ومن الجائزة؛ فقال: يا أمير المؤمنين، أهون عليّ من ذهاب درهم من الجائزة ألّا تبقى في فمي حاكّة «2» .
قال أبو حاتم: وحدّثنا الأصمعيّ عن خلف قال: كنت أرى أنّه ليس في الدنيا رقية إلا رقية الحيّات، فإذا رقية الخبز أسهل. يعني ما يتكلّفه الناس من الكلام لطلب الحيلة.
قال رجل للفضل بن سهل يسأله: الأجل آفة الأمل، والمعروف ذخيرة الأبد، والبرّ غنيمة الحازم، والتفريط مصيبة أخي القدرة؛ فأمر وهبا كاتبه أن يكتب الكلمات. ورفع إليه رقعة فيها: يا حافظ من يضيّع نفسه عنده، ويا ذاكر من ينسى نصيبه منه، ليس كتابي إذا كتبت استبطاء، ولا إمساكي إذا أمسكت استغناء؛ لكنّ كتابي إذا كتبت تذكرة لك، وإمساكي إذا أمسكت ثقة بك.
وقال رجل لآخر: ما قصّرت بي همّة صيّرتني إليك، ولا أخّرني ارتياد دلّني عليك، ولا قعد بي رجاء حداني إلى بابك. وبحسب معتصم بك ظفر بفائدة وغنيمة، ولجء إلى موئل وسند.
دخل الهذيل بن زفر «3» على يزيد بن المهلّب «4» في حمالات «5» لزمته،