وقرأت في كتاب للهند: من الحمق التماس الرجل الإخوان بغير وفاء، والأجر بالرياء، ومودّة النساء بالغلظة، ونفع نفسه بضرّ غيره، والعلم والفضل بالدّعة والخفض. وفيه: ثلاثة يهزأ بهم: مدّعي الحرب ولقاء الزّحوف وشدّة النّكاية في الأعداء وبدنه سليم لا أثر به، ومنتحل علم الدّين والاجتهاد في العبادة وهو غليظ الرقبة أسمن من الأثمة، والمرأة الخليّة تعيب ذات الزوج.
وفيه: من يعمل بجهل خمسة: مستعمل الرّماد في جنّته بدلا من الزّبل، ومظهر مستور عورته، والرجل يتزيّا بزيّ المرأة والمرأة تتزيّا بزيّ الرجل، والمتمّلك في بيت مضيفه، والمتكلّم بما لا يعنيه ولا يسأل عنه. وفيه: الأدب يذهب عن العاقل السّكر ويزيد الأحمق سكرا، كما أن النهار يزيد كلّ ذي بصر بصرا ويزيد الخفافيش سوء بصر. وكانوا يكرهون أن يزيد منطق الرجل على عقله.
قال الشاعر في جاهل: [منسرح]
ما لي أرى الناس يأخذون ويع ... طون ويستمتعون بالنّشب «1»
وأنت مثل الحمار أبهم لا ... تشكو جراحات ألسن العرب
سمع الأحنف رجلا يقول: ما أبالي أمدحت أم هجيت، فقال الأحنف:
إسترحت من حيث تعب الكرام.
كان عامر بن كريز أبو عبد الله بن عامر من حمقى قريش، نظر إلى ابنه عبد الله وهو يخطب فأقبل على رجل إلى جانبه وقال: إنه والله خرج من هذا وأشار إلى ذكره «2» .