على ما يستيقن، طال عليه الأمل ففتر، وطال عليه الأمد فاغترّ؛ وأعذر إليه فيما عمّر وليس فيما عمّر بمعذر «1» ، عمّر فيما يتذكر فيه من تذكّر، فهو من الذنب والنعمة موقر، إن أعطي لم يشكر، وإن منع لم يعذر، يحبّ الصالحين ولا يعمل عملهم ويبغض المسيئين وهو أحدهم، يرجو الأجر في البغض على ظنّه ولا يخشى اليقين من نفسه، يخشى الخلق في ربه ولا يخشى الربّ في خلقه، يعوذ بالله ممن هو فوقه، ولا يريد أن يعيذ الله منه من هو تحته، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه ويرجو لنفسه بأيسر من عمله، يبصر العورة من غيره ويغفلها من نفسه، إن صلّى اعترض «2» ، وإن ركع ربض، وإن سجد نقر، وإن جلس شعر، وإن سأل الحف، وإن سئل سوّف، وإن حدّث أخلف «3» . وإن وعظ كلح «4» ، وإن مدح فرح، يحسد أن يفضل، ويزهد أن يفضل، إن أفيض في الخير برم «5» وضعف واستسلم وقال: الصمت حكم «6» ، وهذا ما ليس لي به علم؛ وإن أفيض في الشرّ قال: يحسب بي عيّ، فتكلّم يجمع بين الأراوي «7» والنعام وبين الخال والعمّ ولاءم ما لا يتلاءم؛ يتعلّم للمراء، ويتفقّه للرياء، ويبادر ما يفنى، ويواكل ما يبقى.
حدّثني محمد بن داود عن أبي شريح الحوارزمي قال: سمعت أبا الرّبيع الأعرج عمرو بن سليمان يقول: