ذوي الطهارة في الكلام وإدلال أهل البراءة في النديّ.
كلام لغيلان
إن التراجع في المواعظ يوشك أن يذهب يومها ويأتي يوم الصاخّة «1» ، كلّ الخلق يومئذ مصيخ يستمع ما يقال له ويقضي عليه، وخشعت الأصوات للرّحمن فلا تسمع إلا همسا. فاصمت اليوم عما يصمتك يومئذ، وتعلّم ذلك حتى تعلمه، وابتغه حتى تجده، وبادر قبل أن تفجأك دعوة الموت؛ فإنها عنيفة إلا بمن رحم الله، فيقحمك في دار تسمع فيها الأصوات بالحسرة والويل والثّبور، ثم لا يقالون ولا يستعتبون. إني رأيت قلوب العباد في الدنيا تخشع لأيسر من هذا وتقسو عند هذا، فانظر إلى نفسك أعبد الله أنت أم عدوّه؟ فيا ربّ متعبّد لله بلسانه، معاد له بفعله ذلول في الانسياق إلى عذاب السعير «2» في أمنيّة أضغاث أحلام يعبرها بالأماني والظّنون. فاعرف نفسك وسل عنها الكتاب المنير، سؤال من يحبّ أن يعلم، وعلم من يحب أن يعمل، فإنّ الربّ جلّ ثناؤه لا يعذر بالتعذير والتغرير، ولكن يعذر بالجدّ والتشمير. اكتس نصيحتي؛ فإنها كسوة تقوى ودليل على مفاتح الخير، ولا تكن كعلماء زمن الهرج إن وعظوا أنفوا، وإن وعظوا عنفوا. والله المستعان.
كتاب رجل إلى بعض الزهّاد
كتب إليه: إنّ لي نفسا تحبّ الدّعة، وقلبا يألف اللذات، وهمة تستثقل الطاعة؛ وقد وهّمت نفسي الآفات، وحذّرت قلبي الموت، وزجرت همّتي عن