الله سيقت إليه، فإن قبلها من الله بشكر وإلّا كانت حجّة من الله عليه، ليزداد إثما وليزداد الله عليه غضبا، وإن بلغه شيء من الحق فرضي فله الرضا، وإن سخط فله السخط، ومن كرهه فقد كره الله، لأنّ الله هو الحق المبين «1» » ، فلا تجهلنّ؛ قال: وكيف أجهل؟ قال: تسمع ولا تعمل بما تسمع.
قال الأوزاعيّ: فسلّ عليّ الربيع السيف وقال: تقول لأمير المؤمنين هذا! فانتهره المنصور وقال: أمسك. ثم كلّمه الأوزاعيّ، وكان في كلامه أن قال:
إنك قد أصبحت من هذه الخلافة بالذي أصبحت به، والله سائلك عن صغيرها وكبيرها وفتيلها ونقيرها، ولقد حدّثني عروة بن رويم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من راع يبيت غاشّا لرعيّته إلا حرّم الله عليه رائحة الجنة» ، فحقيق على الوالي أن يكون لرعيته ناظرا، ولما استطاع من عوراتهم ساترا، وبالقسط فيما بينهم قائما، لا يتخوّف محسنهم منه رهقا ولا مسيئهم عدوانا؛ فقد كانت بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم جريدة يستاك بها ويردع عنه المنافقين؛ فأتاه جبريل فقال:
«يا محمد، ما هذه الجريدة بيدك؟ إقذفها لا تملأ قلوبهم رعبا» . فكيف من سفك دماءهم وشقّق أبشارهم وأنهب أموالهم؟ يا أمير المؤمنين، إنّ المغفور له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر دعا إلى القصاص من نفسه بخدش خدشه أعرابيّا لم يتعمّده، فهبط جبريل فقال: «يا محمد، إن الله لم يبعثك جبّارا تكسر قرون أمتك» . واعلم أنّ كلّ ما في يدك لا يعدل شربة من شراب الجنة ولا ثمرة من ثمارها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقاب قوس أحدكم من الجنة أو قذّة «2» خير له من الدنيا بأسرها» . إنّ الدنيا تنقطع ويزول نعيمها، ولو بقي الملك لمن قبلك