مقام «1» عمرو بن عبيد بين يدي المنصور
قال للمنصور «2» : إن الله أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك ببعضها، واذكر ليلة تمخّض عن يوم لا ليلة بعده؛ فوجم أبو جعفر من قوله؛ فقال له الربيع: يا عمرو، غممت أمير المؤمنين؛ فقال عمرو: إن هذا صحبك عشرين سنة لم ير لك عليه أن ينصحك يوما واحدا وما عمل وراء بابك بشيء من كتاب الله ولا سنّة نبيّه؛ قال أبو جعفر: فما أصنع؟ قد قلت لك: خاتمي في يديك فتعال وأصحابك فاكفني؛ قال عمرو: أدعنا بعدلك تسخ أنفسنا بعونك؛ ببابك ألف مظلمة اردد منها شيئا نعلم أنك صادق.
مقام «3» أعرابيّ بين يدي سليمان
قام فقال: إني مكلّمك يا أمير المؤمنين بكلام فيه بعض الغلظة فاحتمله إن كرهته، فإنّ وراءه ما تحبّه إن قبلته؛ قال: هات يا أعرابيّ؛ قال:
فإني سأطلق لساني بما حرست عنه الألسن من عظتك تأدية لحقّ الله وحقّ إمامتك، إنه قد اكتنفك رجال أساءوا الاختيار لأنفسهم، فابتاعوا دنياك بدينهم ورضاك بسخط ربّهم، خافوك في الله ولم يخافوا الله فيك، فهم حرب للآخرة سلم للدنيا، فلا تأمنهم على ما ائتمنك الله عليه، فإنّهم لن يألوا الأمانة تضييعا والأمة عسفا وخسفا، وأنت مسؤول عما اجترحوا وليسوا مسؤولين عما