إلا فيها، ما أخذ أهلها منها لها خرجوا منه ثم حوسبوا به، وما أخذ منها أهلها لغيرها خرجوا منه ثم أقاموا فيه، وكأن قوما من أهل الدنيا ليسوا من أهلها، هم فيها كمن ليس فيها، عملوا بما يبصرون وبادروا ما يحذرون، تتقلّب أجسادهم بين ظهراني أهل الدنيا، وتتقلّب قلوبهم بين ظهراني أهل الآخرة، يرون الناس يعظّمون وفاة أجسامهم وهم أشدّ تعظيما لموت قلوب أحيائهم. فسألت عن الكلام فلم أجد من يعرفه.
وقال المسيح عليه السلام: «الدّنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها» وفي بعض الكتب: أن الله تعالى أوحى إلى الدنيا «من خدمني فاخدميه، ومن خدمك فاستخدميه» .
قال بعض العابدين يذكر الدنيا: [طويل]
لقد غرّت الدنيا رجالا فأصبحوا ... بمنزلة ما بعدها متحوّل «1»
فساخط أمر لا يبدّل غيره ... وراض بأمر غيره سيبدّل
وبالغ أمر كان يأمل دونه ... ومختلج «2» من دون ما كان يأمل
وقال آخر يذكر الدنيا: [بسيط]
حتوفها رصد وعيشها رنق ... وكرّها نكد وملكها دول «3»
وقال آخر «4» : [طويل]