أهل البصرة، فدخلت قبره أنا وحميد الطويل وأبو جعفر حسن مما يلي رأسه فلما ذهبت أسوّي عليه اللّبنة سقطت من يدي فلم أر في اللحد أحدا، وأصغى إليّ حميد أن اختطف صاحبنا وضجّ الناس فسوّينا على اللحد وحثونا التراب؛ فلم يكن لحميد همّة حتى أتى سليمان بن عليّ وهو أمير على البصرة فأخبره، فقال: ما ينكر لله قدرة! إلا أني أنكر أن يكون أحد من أهل زماننا يفعل هذا به، فهل علم به أحد سواك؟ قال: نعم، الربيع بن صبيح وحسن؛ قال: عدلان مرضيّان، فبعث أمناء جيرانه فنبشوا عنه فلم يجدوه في قبره.
وحدّثني أيضا عن أعرابيّة كان يقال لها أمّ غسّان مكفوفة وكانت تعيش بمغزلها وتقول: الحمد لله على ما قضى وارتضى، رضيت من الله ما رضي لي، وأستعين الله على بيت ضيّق الفناء قليل الكواء «1» وأستعين الله على ما يطالع من نواحيه. وماتت جارة لها فقيل لها: ما فعلت جارتك؟ فقالت:
[متقارب]
تقسّم جاراتها بيتها ... وصارت إلى بيتها الأتلد «2»
وقالت يوما: إن تقبّل الله مني صلاة لم يعذّبني، فقيل لها: كيف ذلك؟
قالت: لأنّ الله، عزّ وجلّ، لا يثني في رحمته وحلمه، قال: وكنت سمعت حديث معاذ «من كتبت له حسنة دخل الجنّة» ولم أدر ما تفسيره حتى سمعت أمّ غسان تقول هذا، فعرفت تأويله.
الكبر والمشيب
حدّثني أبو الخطاب قال: حدّثنا أبو داود عن عبد الجليل بن عطيّة عن