بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الزهد
ما أوحى الله جل وعز الى انبيائه عليهم السلام
حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا خلف بن تميم عن أبي عصمة الشاميّ عن ابن أخت وهب بن منبّه عن وهب قال: أوحى الله إلى نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له أرمياء حين ظهرت فيهم المعاصي: أن قم بين ظهراني قومك فأخبرهم أنّ لهم قلوبا ولا يفقهون، وأعينا ولا يبصرون، وآذانا ولا يسمعون، وأنّي تذكرت صلاح آبائهم، فعطّفني ذلك على أبنائهم، سلهم كيف وجدوا غبّ طاعتي، وهل سعد أحد ممن عصاني بمعصيتي، وهل شقي أحد ممن أطاعني بطاعتي! إنّ الدوابّ تذكر أوطانها فتنزع إليها، وإنّ هؤلاء القوم تركوا الأمر الذي أكرمت عليه آباءهم، والتمسوا الكرامة من غير وجهها.
أما أحبارهم فأنكروا حقّي؛ وأما قرّاؤهم فعبدوا غيري؛ وأمّا نسّاكهم فلم ينتفعوا بما علّموا من حكمتي؛ وأمّا ولاتهم فكذبوا عليّ وكذّبوا رسلي، خزنوا المكر في قلوبهم، وعوّدوا الكذب ألسنتهم؛ وإني أقسم بجلالي وعزتي لأهيّجنّ عليهم جنودا لا يفقهون ألسنتهم، ولا يعرفون وجوههم، ولا يرحمون بكاءهم؛ ولأبتعثنّ فيهم ملكا جبّارا قاسيا، له عساكر كقطع السحاب، ومواكب كأمثال العجاج، كأنّ خفقان راياته طيران النسور، وكأنّ حمل فرسانه كرّ