في فرجه. ثم اقتصّهم خليفة خليفة. فلما انتهى إلى عمر بن عبد العزيز أعرض عن ذكره. ثم ذكر يزيد بن عبد الملك فقال: يأكل الحرام، ويلبس الحلّة بألف دينار، قد ضربت فيها الأبشار، وهتكت الأستار، حبابة عن يمينه وسلامة «1» عن يساره تغنّيانه، حتى إذا أخذ الشراب فيه كلّ مأخذ قدّ ثوبه ثم التفت إلى إحداهما فقال: ألا أطير؟ نعم! طر إلى النار. ثم ذكر أصحابه فقال: شباب والله مكتهلون في شبابهم، غضيضة عن الشر أعينهم، ثقيلة عن الباطل أرجلهم، أنضاء عبادة، وأطلاح سهر «2» ، ينظر الله إليهم في جوف الليل منحنية أصلابهم على أجزاء القرآن، قد أكلت الأرض ركبهم وأيديهم وجباههم، واستقلّوا ذلك في جنب الله، حتى إذا رأوا السّهام قد فوّقت «3» ، والرماح قد أشرعت، والسيوف قد انتضيت، وأرعدت الكتيبة بصواعق الموت، مضى الشابّ منهم قدما، حتى اختلفت رجلاه على عنق فرسه، وتخضّبت محاسن وجهه بالدماء، فأسرعت إليه سباع الأرض وانحطّت إليه طير السماء، فكم من عين في منقار طائر طالما بكى صاحبها في جوف الليل من خوف الله! وكم من كفّ زايلت معصمها طالما اعتمد عليها صاحبها في جوف الليل بالسجود لله! ثم قال: أوّه أوّه «4» وبكى ثم نزل.
خطبة «5» لقطريّ الخارجيّ
ذكر فيها الذين قالوا: من أشدّ منّا قوّة، فقال: حملوا إلى قبورهم فلا