خطبة «1» لأبي بكر الصدّيق رضي الله عنه
حدّثني أبو سهل قال: حدّثني الطّنافسيّ عن محمد بن فضيل قال: حدّثنا عبد الرحمن ابن إسحاق عن عبد الله القرشيّ عن عبد الله بن عكيم قال: خطبنا أبو بكر رضي الله عنه فقال:
أما بعد، فإني أوصيكم بتقوى الله وحده وأن تثنوا عليه بما هو أهله، وتخلطوا الرغبة بالرهبة، والإلحاف بالمسألة؛ فإنّ الله أثنى على زكريّا وأهل بيته فقال: إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً
«2» . ثم اعلموا أن الله قد ارتهن بحقّه أنفسكم، وأخذ على ذلك مواثيقكم، واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي. هذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه ولا يطفأ نوره، فصدّقوه وانتصحوه واستضيئوا منه ليوم الظّلمة. ثم اعلموا أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيّب علمه عنكم، فإن استطعتم ألّا ينقضي إلا وأنتم في عمل لله فافعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله. فسابقوا في مهل؛ فإنّ قوما جعلوا آجالهم لغيرهم ونسوا أنفسهم، فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم، والوحى الوحى «3» والنجاء النجاء! فإنّ من ورائكم طالبا حثيثا مرّه، سريعا سيره.
وفي غير هذه الرواية: أين من تعرفون من أبنائكم وإخوانكم! قد انتهت بهم آجالهم فوردوا على ما قدّموا فحلوا عليه وأقاموا للشقوة والسّعادة فيما بعد الموت. أين الجبّارون الذين بنوا المدائن وحصّنوها بالحوائط! قد صاروا تحت