باب السّعاية
روى وكيع عن أبيه عن عطاء بن السائب قال: قدمت من مكة فلقيني الشعبيّ فقال: يا أبا زيد أطرفنا مما سمعت؛ قلت: سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط يقول: لا يسكن مكّة سافك دم، ولا آكل ربا، ولا مشّاء «1» بنميم؛ فعجبت منه حين عدل النميمة بسفك الدماء وأكل الرّبا، فقال الشعبيّ: وما يعجبك من هذا؟ وهل تسفك الدّماء وتركب العظائم إلا بالنميمة؟
عاتب مصعب بن الزبير الأحنف بن قيس على شيء بلغه عنه، فاعتذر إليه الأحنف من ذلك ودفعه؛ فقال مصعب: أخبرني بذلك الثّقة؛ فقال الأحنف: كلّا أيها الأمير، إن الثقة لا يبلّغ. قال الأعشى: [طويل]
ومن يطع الواشين لا يتركوا له ... صديقا وإن كان الحبيب المقرّبا
وذكر السّعاة عند المأمون فقال رجل ممن حضر؛ يا أمير المؤمنين، لو لم يكن من عيبهم إلّا أنّهم أصدق ما يكونون، أبغض ما يكونون إلى الله لكفاهم.
سعى رجل إلى بلال بن أبي بردة برجل؛ فقال له: إنصرف حتى أسأل عمّا ذكرت، وبعث في المسألة عن السّاعي فإذا هو لغير أبيه الذي يدعى له، فقال بلال: أخبرنا أبو عمرو قال: حدّثني أبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«السّاعي بالناس لغير رشدة» «2» . وقال الشاعر: [وافر]
إذا الواشي نعى يوما صديقا ... فلا تدع الصّديق لقول واشي «3»