فصل- قد التمست مواجهتك بشكرك ووصف ما أجنّ «1» لك وأخلص من ودّك وأجلّ من قدرك وأعتدّ من إحسانك، فلفتني عن ذلك تعذّر الخلوة مع انقباض وحشمة.
فصل- قد أغنى الله بكرمك عن ذريعة إليك؛ وما تنازعني نفسي إلى استعانة عليك إلا أبى ذلك حسن الظنّ بالله فيك، وتأميل نجح الرغبة إليك دون الشفعاء عندك.
فصل- مثلك تقرّب إلى الله بالتواضع لنعمته، والإغاثة لمستغيثه، والعائدة «2» على راجيه بفضله.
فصل- تبّا لمن يأتي رأيك! وقبحا لعزوب «3» عقلك، وأفن «4» تدبيرك! ما أبعد مذهبك في الخطأ، وأسوأ أثرك على السلطاه، وأقصر باعك عن النهوض! جزالة تعقدك، ومهانة تضرعك، وزهو يعلوك، ونخوة يشمخ لها عرنينك. لقد انصرف رأي أمير المؤمنين عنك، ودعوت له عتبك، وكشفت له عن قناع سترك، واجتررت إليك سخطته وعطفت نحوك موجدته، وكنت على نصيبك منه والضنّ بمنزلتك عنده أولى تقدّما وأقرب رشدا. والله الغنيّ الحميد.
أصحاب السلطان ثلاثة: رجل يجعل الدنيا نصب عينه، ينصب فيها للخاصّة مكايده، ويرفع عن مصلحة العامّة همّته، يذهله عن التقوى الهوى، وتنسيه أيام القدرة العثرة، حتى تنصرم مدّته وتنقضي دولته، لم يرتهن بدنياه